وأمهما واحدة، فكان منهما سيد الناس هذا الأول وهذا الثاني (1) وهذا المنذر وهذا الهادي.
وما أقول في رجل سبق الناس إلى الهدى وآمن بالله وعبده، وكل من في الأرض يعبد الحجر ويجحد الخالق، لم يسبقه أحد إلى التوحيد إلا السابق إلى كل خير محمد رسول الله صلى الله عليه وآله ذهب أكثر أهل الحديث إلى أنه أول الناس اتباعا لرسول الله وإيمانا به، ولم يختلف (2) في ذلك إلا الأقلون، وقد قال هو عليه السلام:
أنا الصديق الأكبر وأنا الفاروق الأول، أسلمت قبل إسلام الناس، وصليت قبل صلاتهم، ومن وقف على كتب أصحاب الأحاديث تحقق (3) وعلمه واضحا، وإليه ذهب الواقدي وابن جرير الطبري، وهو القول الذي رجحه ونصره صاحب كتاب الاستيعاب وبالله التوفيق (4).
46 - نهج البلاغة: من خطبة له عليه السلام خطبها بصفين: أما بعد فقد جعل الله سبحانه لي عليكم حقا بولاية أمركم، ولكم علي من الحق مثل الذي لي عليكم، فالحق أوسع الأشياء في التواصف وأضيقها في التناصف، لا يجري لاحد إلا جرى عليه، ولا يجري عليه إلا جرى له، ولو كان لاحد أن يجري له ولا يجري عليه لكان ذلك خالصا لله سبحانه دون خلقه لقدرته على عباده، ولعدله في كل ما جرت عليه صروف قضائه، ولكنه جعل حقه على العباد أن يطيعوه، وجعل جزاءهم عليه مضاعفة الثواب تفضلا منه وتوسعا بما هو من المزيد أهله، ثم جعل سبحانه من حقوقه حقوقا افترضها لبعض الناس على بعض، فجعلها تتكافى في وجوهها ويوجب بعضها بعضا، ولا يستوجب بعضها إلا ببعض.
وأعظم اما افترض [الله] سبحانه من تلك الحقوق حق الوالي على الرعية، وحق