مع أن الخبر قد ورد على الاستفاضة بأن جبرئيل عليه السلام نزل على رسول الله صلى الله عليه وآله عند موت أبي طالب فقال له: يا محمد إن ربك يقرؤك السلام ويقول لك: اخرج من مكة فقد مات ناصرك. وهذا يبرهن عن إيمانه لتحققه بنصرة رسول الله صلى الله عليه وآله (1).
ويدل على ذلك قوله لعلي عليه السلام حين رآه يصلي مع رسول الله صلى الله عليه وآله: ما هذا يا بني؟ فقال: دين (2) دعاني إليه ابن عمي، فقال له: اتبعه فإنه لا يدعو (3) إلا إلى خير، فاعترف بصدق رسول الله صلى الله عليه وآله وذلك حقيقة الايمان. وقوله وقد مر على أمير المؤمنين عليه السلام ثانيه (4) وهو يصلي عن (5) يمين رسول الله صلى الله عليه وآله ومعه جعفر ابنه فقال له:
يا بني صل جناح ابن عمك، فصلى جعفر معه، وتأخر أمير المؤمنين عليه السلام حتى صار هو وجعفر خلف رسول الله صلى الله عليه وآله فجاءت الرواية بأنها (6) أول صلاة جماعة صليت في الاسلام، ثم أنشأ أبو طالب يقول: (إن عليا وجعفرا ثقتي) الأبيات، فاعترف بنبوة النبي صلى الله عليه وآله اعترافا صريحا في قوله: (والله لا أخذل النبي) ولا فصل بين أن يصف رسول الله بالنبوة في نظمه وبين أن يقر بذلك في نثر كلامه، ويشهد عليه من حضره.
ومما يدل على ذلك أيضا قوله في قصيدته اللامية (ألم تعلموا أن ابننا لا مكذب) الأبيات، فشهد بتصديق رسول الله صلى الله عليه وآله شهادة ظاهرة لا تحتمل تأويلا، ونفى عنه الكذب على كل وجه، وهذا هو حقيقة الايمان. ومنه قوله:
ألم يعلموا أن النبي محمدا * رسول أمين خط في أول الكتب (7) وهذا إيمان لا شبهة فيه لشهادته له برسول الله صلى الله عليه وآله (8)، وقد روى أصحاب السير أن أبا طالب رحمه الله لما حضرته الوفاة اجتمع إليه أهله فأنشأ يقول: