كذبتم وبيت الله نبزي محمدا (1) * ولما نطاعن دونه ونقاتل (2) ونسلمه حتى نصرع دونه * ونذهل عن أبنائنا والحلائل فإن تعلقوا بما يؤثر عنه من قوله لرسول الله صلى الله عليه وآله:
والله لا وصلوا إليك بجمعهم * حتى أغيب في التراب دفينا فامض لأمرك ما عليك غضاضة (3) * أبشر بذاك وقر منك عيونا (4) لولا المخافة أن يكون معرة * لوجدتني سمحا بذاك قمينا (5) ودعوتني وزعمت أنك ناصح * ولقد صدقت وكنت ثم أمينا فقالوا: هذا الشعر يتضمن أنه لم يؤمن برسول الله صلى الله عليه وآله ولم يسمح له في الاسلام (6) والاتباع خوف المعرة والتسفيه وكيف (7) يكون مؤمنا مع ذلك؟ فإنه يقال لهم: إن أبا طالب لم يمتنع من الايمان برسول الله صلى الله عليه وآله في الباطن والاقرار بحقه من طريق الديانة: وإنما امتنع من إظهار ذلك لئلا تسفهه قريش وتذهب رئاسته، ويخرج من كان منها متبعا له (8) عن طاعته، وينخرق (9) هيبته عندهم، فلا يسمع له قول ولا يمتثل له أمر، فيحول ذلك بينه وبين مراده من نصرة رسول الله صلى الله عليه وآله ولا يتمكن من غرضه في الذب عنه، فاستسر (10) بالايمان وأظهر منه ما كان يمكنه إظهاره على وجه الاستصلاح، ليصل بذلك إلى بناء الاسلام وقوام الدعوة واستقامة أمر رسول الله صلى الله عليه وآله، وكان في ذلك كمؤمني أهل الكهف الذين أبطنوا الايمان وأظهروا ضده للتقية والاستصلاح