ابن الحارث بن عبد المطلب يوم بدر أشبل عليه (1) علي وحمزة فاستنقذاه منه وخبطا عتبة بسيفهما حتى قتلاه، واحتملا صاحبهما من المعركة إلى العريش فألقياه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وأن مخ ساقه ليسيل، فقال: يا رسول الله لو كان أبو طالب حيا لعلم أنه قد صدق في قوله:
كذبتم وبيت نخلي محمدا * ولما نطاعن دونه ونناضل وننصره حتى نصرح حوله * ونذهل عن أبنائنا والحلائل فقام رسول الله صلى الله عليه وآله واستغفر له (2) ولأبي طاب يومئذ، وبلغ عبيدة مع النبي صلوات الله عليه وآله إلى الصفراء (3) ومات فدفن بها.
قالوا: وقد روي أن أعرابيا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله في عام جدب فقال: أتيناك يا رسول الله ولم يبق لنا صبي يرتضع ولا شارف يجتر، ثم أنشد:
أتيناك والعذراء تدمي لبانها * وقد شغلت أم الرضيع عن الطفل وألقى بكفيه الفتى لاستكانة * من الجوع حتى ما يمر ولا يحلي ولا شئ مما يأكل الناس عندنا سوى الحنظل العامي والعلهز الفسل (4) وليس لنا إلا إليك فرارنا * وأين فرار الناس إلا إلى الرسل فقام النبي صلى الله عليه وآله يجر رداءه حتى صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وقال: اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا هنيئا مريعا سحا سجالا غدقا طبقا دائما دررا (5)، تحيي به