قال السيد رضي الله عنه: ولو لم يكن لأبي طالب رضي الله عنه إلا هذا الحديث وأنه سبب في تمكين النبي صلى الله عليه وآله من تأدية رسالته وتصريحه بقوله: (وبلغ رسالة ربك فإنك الصادق المصدق) لكفاه شاهدا بإيمانه وعظيم حقه على أهل الاسلام، وجلالة أمره في الدنيا ودار المقام (1)، وما كان لنا حاجة إلى إيراد حديث سواه، وإنما نورد الأحاديث استظهارا في الحجة لما ذكرناه.
فمن ذلك أيضا ما ذكره الحميدي في كتاب الجمع بين الصحيحين في مسند عبد الله ابن [عمر في الحديث الحادي عشر من إفراد البخاري تعليقا، قال: وقال] عمر بن حمزة، عن سالم، عن أبيه قال: ربما ذكرت قول الشاعر وأنا أنظر إلى وجه النبي صلى الله عليه وآله وهو يستسقي، وما ينزل حتى يجيش كل ميزاب، فمن ذلك:
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه * ربيع اليتامى عصمة للأرامل وهو قول أبي طالب رضي الله عنه، وقد أخرجه بالاسناد من حديث عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، عن أبيه قال: سمعت ابن عمر يتمثل بشعر أبي طالب حيث قال - وذكر البيت - وهي قصيدة مشهورة بين الرواة لأبي طالب رضي الله عنه وهي هذه:
لعمري لقد كلفت وجدا بأحمد * وأحببته حب الحبيب المواصل إلى آخر الأبيات.
ومن ذلك ما رواه الثعلبي في تفسيره قال في تفسير قوله تعالى: (وهم ينهون عنه وينئون عنه وإن يهلكون إلا أنفسهم وما يشعرون (2)) عن عبد الله بن عباس قال: اجتمعت قريش إلى أبي طالب رضي الله عنه وقالوا له: يا أبا طالب سلم إلينا محمدا فإنه قد أفسد أدياننا وسب آلهتنا، وهذه أبناؤنا بين يديك تبن (3) بأيهم شئت، ثم دعوا بعمارة بن الوليد وكان مستحسنا، فقال لهم: هل رأيتم ناقة حنت إلى غير فصيلها؟ لا كان ذلك أبدا، ثم نهض عنهم فدخل على النبي صلى الله عليه وآله (4) فرآه كئيبا وقد علم مقالة قريش (5)، فقال رضي الله