ثم قال: أبشر يا هذا فإن العلي الاعلى ألهمني إلهاما فيه بشارتك. فقال أبو طالب:
وما هو؟ قال: ولد يولد من ظهرك هو ولي الله عز وجل وإمام المتقين، ووصي رسول رب العالمين، فإن أنت أدركت ذلك الولد من ذلك (1) فاقرءه مني السلام وقل له، إن المثرم يقرء عليك السلام ويقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا (2) رسول الله، به تتم النبوة وبعلي تتم الوصية، قال: فبكى أبو طالب وقال: فما اسم هذا المولود (3)؟ قال: اسمه علي، قال أبو طالب: إني لا أعلم حقيقة ما تقول إلا ببرهان مبين ودلالة واضحة، قال المثرم: ما تريد؟ قال: أريد أن أعلم أن ما تقوله حق وأن رب العالمين ألهمك ذلك، قال: فما تريد أن أسأل لك الله تعالى أن يطعمك في مكانك هذا؟ قال أبو طالب: أريد طعاما من الجنة في وقتي هذا (4) قال: فدعا الراهب ربه.
قال جابر: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: فما استتم المثرم الدعاء حتى أتي بطبق عليه فاكهة من الجنة وعذق (5) رطب وعنب ورمان، فجاء به المثرم إلى أبي طالب فتناول منه رمانة فنهض (6) من ساعته إلى فاطمة بنت أسد، فلما أن نحى واستودعها (7) النور ارتجت الأرض وتزلزلت بهم سبعة أيام حتى أصاب قريشا من ذلك شدة، ففزعوا فقالوا:
مروا بآلهتكم إلى ذروة جبل أبي قبيس حتى نسألهم يسكنون لنا ما قد نزل بنا وحل بساحتنا، فلما أن اجتمعوا إلى (8) جبل أبي قبيس وهو يرتج ارتجاجا ويضطرب اضطرابا فتساقطت الآلهة على وجوهها، فلما نظروا إلى ذلك قالوا: لا طاقة لنا بذلك، ثم صعد أبو طالب الجبل وقال لهم: أيها الناس اعلموا أن الله عز وجل قد أحدث في هذه الليلة