أحبائك ليعينوك (1) على أمرك، قالت: الرأي لك، فاجتمعت النسوة عندها فإذا أنا بهاتف يهتف من وراء البيت: أمسك عنهن يا أبا طالب فإن ولي الله لا تمسه إلا يد مطهرة، فلم يتم الهاتف فإذا أنا بأربع نسوة فدخلن (2) عليها وعليهن ثياب حرير (3) بيض، وإذا روائحهن أطيب من المسك الأذفر، فقلن لها (4): السلام عليك يا ولية الله، فأجابتهن بذلك فجلسن بين يديها ومعهن جؤنة من فضة، فما كان إلا قليل حتى ولد أمير المؤمنين، فلما أن ولد أتيتهن فإذا أنا به قد طلع كأنه الشمس الطالعة. فسجد (5) على الأرض وهو يقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله، وأني وصي نبيه (6)، تختم به النبوة وتختم بي الوصية، فأخذته إحداهن من الأرض ووضعته في حجرها، فلما وضعته (7) نظر إلى وجهها ونادى بلسان طلق ويقول (8): السلام عليك يا أماه، فقالت: وعليك السلام يا بني، فقال: كيف والدي قالت: في نعم الله عز وجل يتقلب وفي خيرته يتنعم، فلما (9) أن سمعت ذلك لم أتمالك أن قلت: يا بني أو لست أباك (10)؟ فقال: بلى ولكن أنا وأنت من صلب آدم، فهذه أمي حواء، فلما سمعت ذلك غضضت وجهي ورأسي وغطيته بردائي وألقيت نفسي حياء منها عليها السلام (11) ثم دنت أخرى ومعها جؤنة مملوءة من المسك فأخذت عليا عليه السلام فلما نظر إلى وجهها قال: السلام عليك يا أختي، فقالت: وعليك السلام يا أخي، فقال: ما حال عمي (12)؟ فقالت: بخير وهو
(١٠٤)