كلها على قتله، وبلغ ذلك أبا طالب فجمع بني هاشم وأحلافهم من قريش فوصاهم برسول الله، وقال: إن ابن أخي كما يقول، أخبرنا بذلك آباؤنا وعلماؤنا إن محمدا نبي صادق وأمين ناطق وإن شأنه أعظم شأن ومكانه من ربه أعلى مكان، فأجيبوا دعوته، واجتمعوا على نصرته، وراموا عدوه من وراء حوزته، فإنه الشرف الباقي لكم الدهر، وأنشأ يقول:
أوصي بنصر النبي الخير مشهده * عليا ابني وعم الخير عباسا وحمزة الأسد المخشي صولته * وجعفرا أن تذودوا دونه الناسا وهاشما كلها أوصي بنصرته * أن يأخذوا دون حرب القوم أمراسا كونوا - فدى لكم نفسي وما ولدت - * من دون أحمد عند الروع أتراسا (1) بكل أبيض مصقول عوارضه * تخاله في سواد الليل مقباسا وحض أخاه حمزة على اتباعه إذ أقبل حمزة متوشحا بقوسه، راجعا من قنص له، فوجد النبي صلى الله عليه وآله في دار أخته محموما وهي باكية، فقال: ما شأنك؟ قالت: ذل الحمى يا با عمارة. لو لقيت ما لقي ابن أخيك محمد آنفا من أبي الحكم بن هشام، وجده ههنا جالسا فآذاه وسبه وبلغ منه ما يكره، فانصرف ودخل المسجد وشج رأسه شجة (2) منكرة، فهم قرباؤه بضربه فقال أبو جهل دعوا أبا عمارة لكيلا يسلم! ثم عاد حمزة إلى النبي صلى الله عليه وآله وقال: عز بما صنع بك، ثم أخبره بصنيعه فلم يرض النبي (3) صلى الله عليه وآله وقال: يا عم لانت منهم، فأسلم حمزة، فعرفت قريش أن رسول الله قد عز وأن حمزة سيمنعه.
قال ابن عباس فنزل: (أو من كان ميتا فأحييناه) وسر أبو طالب بإسلامه وأنشأ يقول:
صبرا أبا يعلى على دين أحمد * وكن مظهرا للدين وفقت صابرا