في جانبه الأيمن، وأما علي فاستقر في جانبه الأيسر، ثم إن الله عز وجل نقلنا من صلب آدم في الأصلاب الطاهرة، فما نقلني من صلب الا نقل عليا معي، فلم نزل كذلك حتى أطلعنا الله تعالى من ظهر طاهر وهو ظهر عبد المطلب، ثم نقلني عن ظهر طاهر وهو عبد الله (1)، واستودعني خير رحم وهي آمنة، فلما أن ظهرت (2) ارتجت الملائكة وضجت وقالت: إلهنا وسيدنا ما بال وليك علي لا نراه مع النور الأزهر؟ - يعنون بذلك محمدا صلى الله عليه وآله - فقال الله عز وجل: فأقروا (3) إني أعلم بوليي وأشفق عليه منكم، فأطلع الله عز وجل عليا من ظهر طاهر وهو خير ظهر من بني هاشم بعد أبي، واستودعه خير رحم وهي فاطمة بنت أسد. فمن قبل أن صار (4) في الرحم كان رجل في ذلك الزمان [وكان] زاهدا عابدا يقال له المثرم بن رعيب بن الشيقيان (5) وكان أحد العباد، قد عبد الله تعالى مائتين وسبعين سنة، لم يسأله حاجة (6) حتى أن الله عز وجل أسكن في قلبه الحكمة وألهمه لحسن (7) طاعته لربه، فسأل الله تعالى أن يريه وليا له، فبعث الله تعالى له بأبي طالب (8) فلما بصر به المثرم (9) قام إليه وقبل رأسه وأجلسه بين يديه، ثم قال:
من أنت يرحمك الله؟ فقال له: رجل من تهامة، فقال: من أي تهامة (10)؟ فقال: من عبد مناف فقال: من أي عبد مناف؟ قال: من هاشم، فوثب العابد وقبل رأسه ثانية وقال: الحمد لله الذي لم يمتني حتى أراني وليه.