يوجد فيه شئ، قد سبق الفرث والدم، آيتهم رجل أسود إحدى عضديه مثل ثدي المرأة، أو مثل البضعة، تدردر، يخرجون على خير فرقة من الناس ".
قال أبو سعيد: فأشهد أني سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وآله، وأشهد أن علي ابن أبي طالب عليه السلام قاتلهم وأنا معه، وأمر بذلك الرجل فالتمس فوجد فاتي به حتى نظرت إليه على نعت رسول الله الذي نعت، رواه البخاري في الصحيح (1).
قالوا: ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وآله وانبعه الناس يقولون: يا رسول الله أقسم علينا فيئنا، حتى ألجؤه إلى شجرة فانتزع عنه رداؤه، فقال: " أيها الناس ردوا علي ردائي، فوالذي نفسي بيده لو كان عندي عدد شجرتها نعما لقسمته عليكم ثم ما ألفيتموني بخيلا ولا جبانا " ثم قام إلى جنب بعير وأخذ من سنامه وبرة فجعلها بين أصبعيه فقال: " يا أيها الناس والله مالي من فيئكم هذه الوبرة إلا الخمس والخمس مردود عليكم، فأدوا الخياط والمخيط، فإن الغلول عار ونار وشنار على أهله يوم القيامة " فجاءه رجل من الأنصار بكبة من خيوط شعر فقال: يا رسول الله أخذت هذا لاخيط بها برذعة بعير لي، فقام رسول الله صلى الله عليه وآله: " أما حقي منها فلك " فقال الرجل: أما إذا بلغ الامر هذا فلا حاجة لي بها، ورمى بها من يده.
ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وآله من الجعرانة (2) في ذي القعدة إلى مكة فقضى بها عمرته، ثم صدر (3) إلى المدينة، وخليفته على أهل مكة معاذ بن جبل، وقال محمد ابن إسحاق: استخلف عتاب بن أسيد، وخلف معه معاذا يفقه الناس في الدين و يعلمهم، وحج بالناس في تلك السنة وهي سنة ثمان عتاب بن أسيد، وأقام صلى الله عليه وآله بالمدينة ما بين ذي الحجة إلى رجب (4).