فما كان حصن ولا حابس * يفوقان مرداس في مجمع (1) وما كنت امرئ منهما * ومن تضع اليوم لا يرفع وقد كنت في الحرب ذا تدرأ * فلم اعط شيئا ولم امنع فقال له رسول الله صلى الله عليه وآله: أنت القائل: أتجعل نهبي ونهب العبيد بين الأقرع وعيينة؟ فقال أبو بكر: بأبي أنت وأمي لست بشاعر، قال: كيف؟ قال: فأنشده أبو بكر (2)، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا علي قم إليه فاقطع لسانه، قال عباس: فوالله لهذه الكلمة كانت أشد علي من يوم خثعم، فأخذ علي بيدي فانطلق بي، وقلت:
يا علي إنك لقاطع لساني؟ قال: إني ممض فيك ما أمرت، حتى أدخلني الحظائر، فقال: أعقل ما بين أربعة إلى مائة، قال: قلت: بأبي أنتم وأمي ما أكرمكم وأحلمكم وأجملكم وأعلمكم؟ فقال لي: إن رسول الله صلى الله عليه وآله أعطاك أربعا، وجعلك مع المهاجرين فإن شئت فخذها، وإن شئت فخذ المائة وكن مع أهل المائة، فقال: فقلت لعلي عليه السلام: أشر أنت علي، قال: فإني آمرك أن تأخذ ما أعطاك وترضى، قال:
فإني أفعل.
قال: وغضب قوم من الأنصار لذلك وظهر منهم كلام (3) قبيح حتى قال قائلهم: لقي الرجل أهله وبني عمه، ونحن أصحاب كل كريهة.
فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وآله ما دخل على الأنصار من ذلك، أمرهم أن يقعدوا ولا يقعد معهم غيرهم، ثم أتاهم شبه المغضب يتبعه علي عليهما السلام حتى جلس وسطهم، فقال: " ألم آتكم وأنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم الله منها بي؟ "