رسول الله قسم منهن ما شاء الله، فلما كلمته أخته قال: أما نصيبي ونصيب بني عبد المطلب فهو لك، وأما ما كان للمسلمين فاستشفعي بي عليهم، فلما صلوا الظهر قامت فتكلمت وتكلموا فوهب لها الناس أجمعون (1) إلا الأقرع بن حابس وعيينة ابن حصن، فإنهما أبيا أن يهبا، وقالوا: يا رسول الله إن هؤلاء قوم قد أصابوا من نسائنا، فنحن نصيب من نسائهم مثل ما أصابوا، فأقرع رسول الله صلى الله عليه وآله بينهم ثم قال: " اللهم توه سهميهما " فأصاب أحدهما خادما لبني عقيل، وأصاب الآخر خادما لبني نمير، فلما رأيا ذلك وهبا ما منعا قال: ولولا أن النساء وقعن في القسمة لوهبهن لها كما وهب ما لم يقع في القسمة، ولكنهن وقعن في أنصباء (2) الناس فلم يأخذ منهم إلا بطيبة النفس.
وروي أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: " من أمسك منكم بحقه فله بكل إنسان ست فرايض من أول فيئ يصيبه " فردوا إلى الناس نساءهم وأبناءهم. قال: وكلمته أخته في مالك بن عوف فقال: إن جاءني فهو آمن، فأتاه فرد عليه ماله، وأعطاه مائة من الإبل.
وروى الزهري، عن أبي سلمة، عن أبي سعيد الخدري قال: بينا نحن عند رسول الله وهو يقسم إذا أتاه ذو الخويصرة (3) رجل من بني تميم، فقال: يا رسول الله اعدل فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " ويلك من يعدل إن أنا لم أعدل؟ وقد خبت أو خسرت إن أنا لم أعدل " فقال عمر بن الخطاب: يا رسول الله ائذن لي فيه أضرب عنقه، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " دعه فإن له أصحابا يحقر أحدكم صلاته مع صلاته وصيامه مع صيامه (4) يقرؤن القرآن لا يجاوز تراقيهم، يمرقون من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية، ينظر إلى نصله فلا يوجد فيه شئ، ثم ينظر إلى رصافه فلا يوجد فيه شئ، ثم ينظر إلى نضيه وهو قدحه فلا يوجد فيه شئ، ثم ينظر في قذذه فلا