قالوا: بلى، ولله ولرسوله المن والطول والفضل علينا، قال: " ألم آتكم و أنتم أعداء فألف الله بين قلوبكم بي؟ " قالوا: أجل، ثم قال: " ألم آتكم وأنتم قليل فكثركم الله بي؟ " وقال ما شاء الله أن يقول، ثم سكت، ثم قال: " ألا تجيبوني؟ " قالوا: بم نجيبك يا رسول الله فداك أبونا وامنا؟ لك المن والفضل والطول، قال:
" بل لو شئتم قلتم: جئتنا طريدا مكذبا فآويناك وصدقناك، وجئتنا خائفا فآمناك " فارتفعت أصواتهم (1) وقام إليه شيوخهم، فقبلوا يديه ورجليه وركبتيه، ثم قالوا:
رضينا عن الله وعن رسوله، وهذه أموالنا أيضا بين يديك فاقسمها بين قومك إن شئت فقال: " يا معشر الأنصار أوجدتم في أنفسكم إذا قسمت مالا أتألف به قوما، ووكلتم إلى إيمانكم؟ أما ترضون أن يرجع غيركم بالشاء والنعم، ورجعتم أنتم ورسول الله في سهمكم؟ " ثم قال صلى الله عليه وآله: " الأنصار كرشي وعيبتي، لو سلك الناس واديا وسلك الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار، اللهم اغفر للأنصار، ولابناء الأنصار، ولابناء أبناء الأنصار ". قال: وقد كان فيما سبي أخته بنت حليمة، فلما قامت على رأسه قالت: يا محمد أختك سبي بنت حليمة، قال: فنزع رسول الله صلى الله عليه وآله برده فبسطه لها فأجلسها عليه، ثم أكب عليها (2) يسائلها، وهي التي كانت تحضنه إذا كانت (3) أمها ترضعه.
وأدرك وفد هوازن رسول الله صلى الله عليه وآله بالجعرانة وقد أسلموا، فقالوا: يا رسول الله لنا أصل وعشيرة، وقد أصابنا من البلاء ما لم يخف عليك، فامنن علينا من الله عليك، وقام خطيبهم زهير بن صرد فقال: يا رسول الله إنا لو ملحنا الحارث بن أبي شمر أو النعمان بن المنذر ثم ولى منا مثل الذي وليت لعاد علينا بفضله وعطفه وأنت خير المكفولين، وإنما في الحظائر (4) خالاتك وبنات خالاتك، وحواضنك وبنات حواضنك اللاتي أرضعنك، ولسنا نسألك مالا إنما نسألكهن، وقد كان