كأنها فضة يكشف عنها العجاج، فقلت: عمه ولن يخذله، ثم جئته عن يساره فإذا أنا بأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب، فقلت: ابن عمه ولن يخذله، ثم جئته من خلفه فلم يبق إلا أن أسوره سورة بالسيف إذ رفع لي شواظ من نار بيني و بينه كأنه برق، فخفت أن يمحشني، فوضعت يدي على بصري ومشيت القهقرى والتفت رسول (1) الله صلى الله عليه وآله وقال: " يا شيب يا شيب ادن مني، اللهم أذهب عنه الشيطان " قال: فرفعت إليه بصري ولهو أحب إلي من سمعي وبصري، وقال: يا شيب قاتل الكفار.
وعن موسى بن عقبة قال: قام رسول الله صلى الله عليه وآله في الركابين وهو على البغلة فرفع يديه إلى الله يدعو ويقول: " اللهم إني أنشدك ما وعدتني، اللهم لا ينبغي لهم أن يظهروا علينا " ونادى أصحابه وذمرهم: " يا أصحاب البيعة يوم الحديبية الله الله الكرة على نبيكم " وقيل: إنه قال: " يا أنصار الله وأنصار رسوله (2) يا بني الخزرج " وأمر العباس بن عبد المطلب فنادى في القوم بذلك (3) فأقبل إليه أصحابه سراعا يبتدرون.
وروي أنه صلى الله عليه وآله قال: " الآن حمي الوطيس، أنا النبي لا كذب، أنا ابن عبد المطلب " قال سلمة بن الأكوع: ونزل رسول الله صلى الله عليه وآله عن البغلة ثم قبض قبضة من تراب، ثم استقبل به وجوههم وقال: " شاهت الوجوه " فما خلق الله منهم إنسانا إلا ملا عينه ترابا بتلك القبضة، فولوا مدبرين، وأتبعهم (4) المسلمون فقتلوهم وغنمهم الله نساءهم وذراريهم وشاءهم وأموالهم، وفر مالك بن عوف حتى دخل حصن الطائف في ناس من أشراف قومه (5) وأسلم عند ذلك كثير من أهل مكة حين رأوا نصر الله وإعزاز دينه.