إلى مكة فجمعت الأحابيش وغيرهم فلعلي كنت أهزمه، فناداه رسول الله صلى الله عليه وآله من خيمته فقال: " إذا كان الله يخزيك " فجاءه العباس فقال يريد أبو سفيان أن يجيئك يا رسول الله، قال: هانه، فلما دخل قال: ألم يأن أن تسلم؟ فقال له العباس، قل وإلا فيقتلك، قال: أشهد أن لا إله إلا الله، وأنك رسول الله، فضحك صلى الله عليه وآله فقال رده إلى عندك، فقال العباس: إن أبا سفيان " يحب الشرف فشرفه، فقال: من دخل داره فهو آمن، ومن ألقى سلاحه فهو آمن فلما صلى بالناس الغداة فقال للعباس: " خذه إلى رأس العقبة فأقعده هناك ليراه الناس (1) جنود الله ويراها " فقال أبو سفيان: ما أعظم ملك ابن أخيك؟ قال العباس: يا أبا سفيان هي نبوة، قال: نعم، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله: تقدم إلى مكة فأعلمهم بالأمان، فلما دخلها قالت هند: اقتلوا هذا الشيخ الضال، فدخل النبي صلى الله عليه وآله مكة، وكان وقت الظهر، فأمر بلالا فصعد على ظهر الكعبة فأذن، فما بقي صنم بمكة إلا سقط على وجهه، فلما سمع وجوه قريش الاذان قال بعضهم في نفسه:
الدخول في بطن الأرض خير (2) من سماع هذا، وقال آخر: الحمد لله (3) الذي لم يعش والدي إلى هذا اليوم، فقال النبي صلى الله عليه وآله: " يا فلان قد قلت في نفسك كذا ويا فلان قلت في نفسك كذا " فقال أبو سفيان: أنت تعلم أني لم أقل شيئا، قال: اللهم اهد قومي فإنهم لا يعلمون (4) 18 - الإرشاد: من مناقب أمير المؤمنين عليه السلام أن النبي صلى الله عليه وآله لما أراد فتح مكة سأل الله جل اسمه أن يعمي أخباره على قريش ليدخلها بغتة، وكان صلى الله عليه وآله قد بنى الامر في مسيره إليها على الاستسرار بذلك، فكتب حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة يخبرهم بعزيمة رسول الله صلى الله عليه وآله على فتحها، وأعطى الكتاب امرأة سوداء كانت وردت المدينة تستميح (5) الناس وتستبرهم، وجعل لها جعلا أن توصله إلى قوم سماهم لها