الباب الأول في بيان الأعواض الحاصلة من موت الأولاد، وما يقرب من هذا المراد إعلم أن الله - سبحانه - عدل (كريم، وأنه) (1) غني مطلق، لا يليق بكمال ذاته وجميل صفاته، أن ينزل بعبده المؤمن في دار الدنيا شيئا من البلاء وإن قل، ثم لا يعوضه عنه ما يزيد عليه، إذ لو لم يعطه شيئا (بالكلية كان له ظالما) (2)، ولو عوضه بقدره كان عابثا، تعالى الله عنهما علوا كبيرا.
وقد تظافرت بذلك الأخبار النبوية، ومنها:
(إن المؤمن لو يعلم (ما أعد الله له) (3) على البلاء، لتمني أنه في دار الدنيا قرض بالمقاريض) (4).
ولنقتصر منها على ما يختص بما نحن فيه، فقد رواه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أزيد من ثلاثين صحابيا.
وروى الصدوق - رحمه الله - بإسناده إلى عمرو بن عبسة (5) السلمي، قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: (أيما رجل قدم ثلاثة أولاد، لم يبلغوا الحنث، أو امرأة قدمت ثلاثة أولاد، فهم حجاب يسترونه عن (6) النار) (7).
وعن أبي ذر - رضي الله عنه - قال: ما من مسلمين يقدمان عليهما ثلاثة أولاد، لم يبلغوا الحنث، إلا أدخلها (8) الله الجنة بفضل رحمته (9).