قال [الأصبغ]: ثم أغمي على أمير المؤمنين، فلما أفاق قال: " أقاعد أنت يا أصبغ بعد؟ " قلت: بلى [يا مولاي]، قال: " أزيدك حديثا آخر؟ " قلت: نعم يا أمير المؤمنين، زادك الله مزيد كل الخير.
فقال: " لقيني رسول الله في بعض طرق المدينة وأنا مغموم قد تبين الغم في وجهي، فقال لي: يا أبا الحسن، أراك مغموما! ألا أحدثك حديثا لا تغتم بعد يومك هذا؟ قلت: نعم.
قال: إنه إذا كان يوم القيامة نصب الله عزوجل منبرا يعلو منابر النبيين والشهداء، ثم يأمرني الله عزوجل فأصعد فوقه، ثم يأمرك فتصعد دوني بمرقاة، ثم يأمر الله ملكا يقف دونك بمرقاة، ثم يأمر الله ملكا آخر يقوم دون الملك بمرقاة، فإذا استقللنا على المنبر لا يبقى أحد من الأولين والآخرين إلا ويرانا، فينادي الملك الذي دونك بمرقاة:
معاشر الناس، ألا من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا [أعرفه بنفسي، أنا] رضوان خازن الجنان، ألا إن الله بفضله وجلاله أمرني أن أدفع مفاتيح الجنة إلى محمد، وإن محمدا أمرني أن أدفعها إلى علي، هاك، فاشهدوا لي عليه.
ثم يقوم الملك الآخر فينادي نداء يسمعه أهل الموقف: معاشر الناس، من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا [أعرفه بنفسي، أنا] مالك خازن جهنم، ألا إن الله بمنه وفضله [وكرمه] وجلاله أمرني أن أدفع مفاتيح جهنم إلى محمد، وإن محمدا قد أمرني أن أدفعها إلى علي، هاك، فاشهدوا لي عليه، فآخذ بمفاتيح الجنة والنار، وتأخذ بحجزتي، وأهل بيتك بحجزتك، وشيعتك يأخذون بحجزة أهل بيتك.
قال: فصفقت كلتا يدي وقلت: إلى الجنة يا رسول الله؟
قال: إي ورب الكعبة ".
قال أصبغ: فلم أسمع من أمير المؤمنين (عليه السلام) بعد هذين الحديثين حديثا. (1)