[قال:] فانصرف الناس [ولم أنصرف]، فخرج ثانية وقال: " يا أصبغ، أما سمعت قولي عن أمير المؤمنين؟ " قلت: بلى ولكن رأيته في حاله فأحببت أن أردد من النظر إليه وأستمع منه حديثا، فاستأذن لي إليه يرحمك الله! فدخل ولم يلبث أن خرج فقال لي: " ادخل " فدخلت فإذا أمير المؤمنين (عليه السلام) متعصب بعمامة صفراء قد علت صفرة وجهه على صفرة العمامة، فإذا هو يقلع فخذا ويضع أخرى لشدة الضربة وموضع السم، فقال لي: " يا أصبغ، أما سمعت قول الحسين [الحسن خ] عن مقالي؟ ".
قلت: بلى يا أمير المؤمنين، ولكن رأيتك في حال فأحببت إليك النظر و [أن] أسمع منك حديثا.
فقال لي: " اقعد فما أراك تسمع مني بعد يومك هذا حديثا، يا أصبغ، أتيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عائدا كما جئتني عائدا، فقال لي: اخرج يا أبا الحسن فناد في الناس:
الصلاة جامعة، واصعد منبري وقم دون مقامي بمرقاة، وقل [للناس]: ألا إنه من عق والديه فلعنة الله [عليه]، ألا إنه من ظلم أجيرا أجره فلعنة الله [عليه].
فخرجت ففعلت ما أمرني به رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فقام رجل من أقصى المسجد وقال: يا أبا الحسن، تكلمت بثلاث كلمات وأوجزتهن فاشرحهن لنا. فلم أرد جوابا حتى أتيت رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقلت له ما كان من أمر الرجل ".
قال [الأصبغ]: ثم أقبل علي أمير المؤمنين فقال: " ابسط يدك يا أصبغ " فبسطت يدي فتناول إصبعا من أصابعي ثم قال: " يا أصبغ كذا تناول رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إصبعا من أصابعي كما تناولت إصبعا من أصابعك، ثم قال: يا أبا الحسن، ألا وإني وأنت أبوا هذه الأمة، فمن عقنا فلعنة الله [عليه]، قل: آمين، قلت: آمين. ثم قال: يا أبا الحسن، ألا وإني وأنت موليا هذه الأمة، فمن أبق منا فلعنة الله [عليه] قل: آمين، قلت: آمين، ألا وإني وأنت أجيرا هذه الأمة، فمن ظلمنا أجرنا فلعنة الله [عليه] قل: آمين، فقلت:
آمين ".