أقول: وقد كنا ذكرنا في كتاب عمل اليوم ولليلة في صفات المخلصين في الدعوات عدة روايات، وسوف نذكر في هذا الموضع ما يلق منها.
فمن ذلك ما رويناه بإسنادنا إلى محمد بن الحسن بن الوليد، باسناده إلى القاسم بن حسين النيسابوري قال: رأيت أبا جعفر عليه السلام عندما وقف بالموقف مد يديه جميعا، فما زالتا ممدودتين إلى أن أفاض، فما رأيت أحدا أقدر على ذلك منه 1.
ومن ذلك ما رويته بإسنادي إلى محمد بن الحسن الصفار، باسناده إلى علي بن داود قال: رأيت أبا عبد الله عليه السلام في الوقف آخذ بلحيته ومجامع ثوبه وهو يقول بإصبعه اليمنى منكس الرأس: هذه رمتي بما جنيت 2.
ومن ذلك ما رويته بإسنادي عن محمد بن الحسن بن الوليد أيضا، باسناده إلى حماد بن عبد الله قال: كنت قريبا من أبى الحسن موسى عليه السلام بالموقف، فلما همت الشمس للغروب أخذ بيده اليسرى بمجامع ثوبه ثم قال:
اللهم إني عبدك وابن عبدك ان تعذبني فبأمور قد سلفت منى، وأنا بين يديك برمتي، وان تعف عنى فأهل العفو أنت يا أهل العفو، يا أحق من عفى اغفر لي ولأصحابي، وحرك دابته فمر 3.
ومن ذلك مما لم نذكره في عمل اليوم والليلة، عن مولانا علي بن موسى الرضا صلوات الله عليه في يوم عرفة:
اللهم كما سترت على ما لم أعلم، فاغفر لي ما تعلم، وكما وسعني علمك فليسعني عفوك، وكما بدأتني بالاحسان فأتم نعمتك بالغفران، وكما أكرمتني بمعرفتك فاشفعها بمغفرتك.
وكما عرفتني وحدانيتك فأكرمني بطاعتك، وكما عصمتني ما لم أكن أعتصم منه الا بعصمتك، فاغفر لي ما لو شئت عصمتني منه، يا جواد يا كريم، يا ذا الجلال والاكرام 4.