وأقول: يا أيها الرجل المتشرف بنور المعقول والمنقول وهداية الرسول، أنت تعلم انك لو تعلمت تلك الألفاظ جميعها على التفصيل، ثم دخلت بين يدي ذلك السلطان الجليل وتلوتها بلسانك، وكنت معرض عنه أو مشغول بغيره عن الالتفات إليه وأدب القرب منه، فإنك تشهد على نفسك بالجهل بقدر السلطان، وانك قد عرضت نفسك للحرمان أو الهوان.
فإذا لا يجوز ان تدخل حضرة السلطان الا وانك مقبل عليه بالقلب واللسان وجميع الجنان والأركان، فكذا ينبغي أن يكون حالك مع الله جل جلاله المطلع على الاسرار، فتكون عند تلاوة هذه الأذكار حاضرا بعقلك ولبك، ومعظما للألفاظ والمعاني بلسانك وقلبك ومجتهدا ان يصدق فعالك مقالك.
فإذا تلوت: الله أكبر، فيكون على سرائرك وظواهرك، آثار انه لا شئ أعظم من الله جل جلاله الذي تتلفظ بتكبيرة، فلا تشغل قلبك في تلك الحال بشئ غيره من قليل امرك وكثيره.
وإذا تلوت تحميده وقلت: الحمد لله، فقد شهدت ان الحمد ملكه وانه أحق به من سواه، فلا يكن في خاطرك محمود عندك ممن أحسن إليك في دنياك أرجح مقالا ولا أصلح اخلاصا واقبالا.
وإذا تلوت تسبيحه وتنزيهه فليكن خاطرك منزها له عن أن تؤثر عليه سواه، وان يشغلك عنه في تلك الحال غيره ممن ترجوه أو تراه.
وإذا تلوت تهليله وقرأت آية الكرسي و (قل هو الله أحد) فليكن عليك تصديق الاعتراف له، بأنه الهك الذي لا يشغلك عنه هواك ولا دنياك، وانك مملوكه، وعبده المفتقر إليه، المشغول به اشتغالا يشهد بتحقيقه سرك ونجواك.
وإذا قرأت سورة القدر فليكن قلبك معظما للفظه الشريف، الذي جعلك نائبا لتلاوته بين يديه، وكأنك تقرء لفظه المقدس عليه معترفا بحقها بأبلغ ما يصل جهدك إليه.
وإذا صليت على النبي صلوات الله عليه وآله، فاذكر انهم غير محتاجين إلى دعاءك لهم بالصلاة عليهم، بعد ما تعرفه من أن الله تعالى جل جلاله صلى هو وملائكته عليهم،