الجواب: أن هذه مسألة خلاف، لا يجوز أن يدعى فيها الاجماع، على أن معنى قولنا معجز: في العرف بخلاف ما في اللغة، والمراد به في العرف: ماله حظ في الدلالة على صدق من ظهر على يده.
والقرآن بهذه الصفة عند من قال بالصرفة، فجاز أن يوصف بأنه معجز، وإنما ينكر العوام أن يقال: القرآن ليس بمعجز، متى أريد به أنه غير دال على النبوة وأن العباد يقدرون عليه. وأما أنه معجز بمعنى أنه خارق للعادة بنفسه، وبما يسند (1) إليه فموقوف على العلماء المبرزين.
على أنه يلزم - من جعل جهة إعجاز القرآن: الفصاحة - الشناعة (2) لأنهم يقولون:
إن من قدر على الكلام من العرب والعجم يقدرون على مثل القرآن، وإنما ليست له علوم بمثل فصاحته.
فصل واعترضوا فقالوا: إذا كان الصرف هو المعجز، فلم [لم] (3) يجعل القرآن من أرك الكلام وأقله فصاحة، ليكون أبهر (4) في باب الاعجاز؟
الجواب: لو فعل ذلك لجاز، لكن المصلحة معتبرة في ذلك، فلا تمتنع أنها اقتضت أن يكون القرآن على ما هو عليه من الفصاحة، فلأجل ذلك لم ينقص منه شئ.
ولا يلزم في باب المعجزات أن يفعل ما هو أبهر وأظهر، وإنما يفعل ما تقتضيه المصلحة بعد أن تكون دلالة الاعجاز قائمة فيه.
ثم يقال (5): هلا جعل الله القرآن أفصح مما هو عليه؟ فما قالوا، فهو جوابنا عنه، وليس لاحد أن يقول: ليس وراء هذه الفصاحة زيادة، لان الغايات التي ينتهي إليها الكلام الفصيح غير متناهية. (6)