سياسة الخلق وإنفاق ذلك المال على حسب إرادتهما من غير أن يكون موافقا لمراد الله تعالى، وقوله (عليه السلام) (فلعمري لقد نافقا قبل ذلك) إشارة إلى نفاقهما في حياة الرسول (صلى الله عليه وآله) حيث أظهرا الإيمان به وأبطنا الكفر وعهدهما مع أصحابهما حال حياة النبي (صلى الله عليه وآله) على رد الخلافة عن أهل بيته الطاهرين مشهور، وفي بعض الروايات مذكور، وقوله (وردا على الله عز وجل كلامه) إشارة إلى ردهما الآيات الدالة على أن الولاية والخلافة لأهل البيت (عليهم السلام). وقوله (وهزءا برسول الله (صلى الله عليه وآله)) إشارة إلى استهزائهما به (صلى الله عليه وآله) في مواضع عديدة منها في غدير خم حيث قال أحدهما لصاحبه انظر إلى عينيه تدوران كما تدور عينا مجنون ومنها في صلح الحديبية ومنها في حديث الدواة والقلم، وبسط ذلك وبيان تفاصيله يوجب الإطناب.
وقوله (والله ما دخل في قلب أحد منهما شيء من الإيمان منذ خروجهما من حالتيهما) أي من الشرك وعبادة الأصنام وفي بعض النسخ «عن جاهليتهما» تأكيد لما سبق من أنهما كانا منافقين قبل ذلك.
وقوله (وما ازدادا إلا شكا) أي ما ازدادا بعد الدخول في الإسلام ظاهرا إلا شكا فيه، إشارة إلى أنهم لم يقروا بشيء مما جاء به النبي (صلى الله عليه وآله)، وإنكار الثاني عليه مذكور في مواضع من كتب العامة أيضا وقد نقلنا جملة منها في شرح كتاب الأصول إلا أنهم قالوا كان خلافه مستندا إلى اجتهاده وهو جائز.
(وسألت عمن حضر ذلك الرجل وهو يغصب ماله ويوضع على رقبة منهم عارف بحقه ومنهم منكر له) مع معرفته ولم يعينوه ولم ينصروه بل نصروهما وأمدوهما فأولئك أهل الردة الأولى من هذه الأمة وكل من تبعهم إلى يوم القيامة أهل الردة الثانية أو المراد بالردة الثانية ردة اثنين وسبعين فرقة من هذه الأمة كما نطق به بعض الروايات ويمكن أن يكون تعريضا بأنهم أهل الردة الأولى لا هما لأنهما لم يدخلا في الدين أصلا، والردة بالكسر اسم من الارتداد، ولا يتحقق الارتداد إلا بالخروج بعد الدخول.
(وسألت عن مبلغ علمنا) أي غايته ومقداره وهو (على ثلاثة وجوه ماض وغابر وحادث) تقسيمه بها باعتبار المعلوم إذ بعضه متعلق بالأمور الماضية وهو مفسر له في الكتب المنزلة أو بتفسير الأنبياء وبعضه متعلق بالغابر أي بالأمور المستقبلية الحتمية وهو مزبور في الصحف التي عندهم، وبعضه متعلق بأمر حادث في الليل والنهار آنا فآنا وشيئا فشيئا وهو قذف في القلوب ونقر في الأسماع، أما القذف فلأن قلوبهم صافية بالأنوار الإلهية فإذا توجهوا إلى العوالم اللاهوتية وتجردوا عن الطبايع البشرية إلى الطبايع الملكية بل إلى فوقها ظهرت لهم من العلوم والحوادث ما شاء الله، ويعبر عن ظهور هذه العلوم تارة بالقذف في القلوب وتارة بالإلهامات الغيبية، وأما النقر