إذا أخذوا الزكاة منا هل يجب علينا إخراجها مرة أخرى فأجاب (عليه السلام) بأنهم إذا أخذوا الزكاة منكم وإن لم يكونوا أهلها ولم يعطوا أهلها لا يجب عليكم أن تزكوا مرة أخرى، وقد دل عليه بعض الأخبار أيضا، وقال بعض المعاصرين سأل هل يجوز لنا صرف الزكاة فيهم وإعطاؤهم إياها فأجاب (عليه السلام): بأنه لا يجوز ذلك ولا يجوز إعطاؤها غير أهل الولاية.
(وسألت عن الضعفاء فالضعيف من لم ترفع إليه حجة ولم يعرف الاختلاف فإذا عرف الاختلاف فليس بضعيف) كأنه سأل عن المستضعفين المذكورين في سورة النساء (إلا المستضعفين من الرجال والنساء والولدان لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلا) فأجاب (عليه السلام) بأن المستضعف من لم يعرف الإمام ولم ينكره إذا لم ترفع إليه حجة دالة على حقية الإمام ولم يعرف إختلاف الناس، فيه وأما من دفعت إليه حجة أو عرف اختلاف الناس فليس بمستضعف لأنه مكلف بالإيمان وطلب الحق فلا يكون معذورا ومن هاهنا يعلم أنه ليس اليوم مستضعف لشيوع الحق والاختلاف، فمن قبله فهو مؤمن، ومن رده فهو كافر، كما مر في باب المستضعف من الأصول.
(وسألت عن الشهادات لهم فأقم الشهادة لله عز وجل...) كما قال الله عز وجل (ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا) (ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه والله بما تعملون عليم) وهو بعمومه شامل لما نحن فيه.
(فإن خفت على أخيك ضيما فلا) أي فإن خفت على أخيك ظلما فلا تقم عليه الشهادة وذلك إذا علمت أنه لا يقدر على أداء الدين وعلمت أنك إذا شهدت عليه به يؤخذ أو يحبس ظلما فيجوز لك ترك الشهادة عليه إلى ميسرة، وكذا إن خفت على نفسك ضررا غير مستحق كما صرحوا به (وادع إلى شرائط الله عز ذكره بمعرفتنا من رجوت إجابته) الشرط والشريطة بمعنى، ويجمع الأول على الشروط، والثاني على الشرائط، ولعل المراد بشرائط الله ما شرط عليهم الإتيان به ولهم بالثواب عليه من النواميس الإلهية والشرايع النبوية، والباء في قوله بمعرفتنا للسببية أو صلة للدعاء أي ادع بمعرفتنا إلى شرائط الله، وفيه تنبيه على أنه لا يمكن الوصول إلى تلك الشرايط بدون معرفتهم، وفي بعض النسخ «إلى صراط الله».
(ولا تحضر حضن زنا) الحضور معروف وقد يأتي بمعنى النزول والسكون ومنه الحاضر وهو من نزل على ماء يقيم به ولا يرحل عنه، والحضن بكسر الحاء المهملة وسكون الضاد المعجمة:
الجانب والناحية، وإضافته إلى زنا لكثرة وقوعه فيه، وإنما نهى عن حضور ناحيتهم وسكونه فيها لأنه يستلزم مشاهدة منكراتهم الثقيلة على المؤمن وميل الطبع إلى طباعهم الشريرة وهي أثقل وأشد عليه، وفي بعض النسخ «ولا تحصن بحصن رياء» الحصن بكسر الحاء وسكون الصاد المهملتين، والرياء معروفان، وتحصن فلان إذا دخل في حصن، والمعنى قريب مما ذكر، هذا الذي ذكرنا من باب الاحتمال والله أعلم بحقيقة الحال.
(ووال آل محمد صلى الله عليه وآله) لا بد في تحقق موالاتهم من التبرأ من أعدائهم.