هبة الله وقال له: إن لقيت جبرئيل أو من لقيت من الملائكة فاقرأه مني السلام وقل له:
يا جبرئيل إن أبي يستهديك من ثمار الجنة فقال له جبرئيل: يا هبة الله إن أباك قد قبض وإنا نزلنا للصلاة عليه فارجع فرجع فوجد آدم (عليه السلام) قد قبض فأراه جبرئيل كيف يغسله فغسله حتى إذا بلغ الصلاة عليه قال هبة الله: يا جبرئيل تقدم فصل على آدم فقال له جبرئيل: إن الله عز وجل أمرنا أن نسجد لأبيك آدم وهو في الجنة فليس لنا أن نؤم شيئا من ولده، فتقدم هبة الله فصلى على أبيه وجبرئيل خلفه وجنود الملائكة وكبر عليه ثلاثين تكبيرة فأمر جبرئيل (عليه السلام) فرفع خمسا وعشرين تكبيرة - والسنة اليوم فينا خمس تكبيرات وقد كان يكبر على أهل بدر تسعا وسبعا - ثم إن هبة الله لما دفن أباه أتاه قابيل فقال: يا هبة الله إني قد رأيت أبي آدم قد خصك من العلم بما لم أخص به أنا وهو العلم الذي دعا به أخوك هابيل فتقبل قربانه وإنما قتلته لكيلا يكون له عقب فيفتخرون على عقبي فيقولون: نحن أبناء الذي تقبل قربانه وأنتم أبناء الذي ترك قربانه فإنك إن أظهرت من العلم الذي اختصك به أبوك شيئا قتلتك كما قتلت أخاك هابيل، فلبث هبة الله والعقب منه مستخفين بما عندهم من العلم والإيمان والاسم الأكبر وميراث النبوة وآثار علم النبوة حتى بعث الله نوحا (عليه السلام) وظهرت وصية هبة الله حين نظروا في وصية آدم (عليه السلام) فوجدوا نوحا (عليه السلام) نبيا قد بشر به آدم (عليه السلام) فآمنوا به واتبعوه وصدقوه وقد كان آدم (عليه السلام) وصى هبة الله أن يتعاهد هذه الوصية عند رأس كل سنة فيكون يوم عيدهم فيتعاهدون نوحا وزمانه الذي يخرج فيه وكذلك جاء في وصية كل نبي حتى بعث الله محمدا (صلى الله عليه وآله) وإنما عرفوا نوحا بالعلم الذي عندهم وهو قول الله عز وجل (ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه..) إلى آخر الآية، وكان من بين آدم ونوح من الأنبياء مستخفين ولذلك خفي ذكرهم في القرآن فلم يسموا كما سمي من استعلن من الأنبياء صلوات الله عليهم أجمعين وهو قول الله عز وجل (ورسلا قد قصصناهم عليك من قبل ورسلا لم نقصصهم عليك) يعني لم أسم المستخفين كما سميت المستعلنين من الأنبياء (عليهم السلام).
فمكث نوح (عليه السلام) في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما، لم يشاركه في نبوته أحد ولكنه قدم على قوم مكذبين للأنبياء (عليهم السلام) الذين كانوا بينه وبين آدم (عليه السلام) وذلك قول الله عز وجل: (كذبت قبلهم قوم نوح المرسلين) يعني من كان بينه وبين آدم (عليه السلام) إلى أن انتهى إلى قوله عز وجل (وإن ربك لهو العزيز الرحيم) ثم إن نوحا (عليه السلام) لما انقضت نبوته واستكملت أيامه أوحى الله عز وجل إليه أن يا نوح قد قضيت نبوتك واستكملت أيامك فاجعل العلم الذي عندك والإيمان والاسم الأكبر وميراث العلم وآثار علم النبوة في العقب من ذريتك، فإني لن أقطعها كما لم أقطعها من بيوتات الأنبياء (عليهم السلام) التي بينك وبين آدم (عليه السلام) ولن أدع الأرض إلا وفيها عالم يعرف به ديني وتعرف به