منه وأنام على البوريا وأصلي عليه وأما العصا فمنها طعامي إذا غرستها في الأرض فقال (عليه السلام) أنا أعرف حقيقة ذلك فضرب على الحجر فدخل تحتها فيه واخضرت في الحال وظهرت منها أربعة أغصان فظهر من واحد الرطب ومن الثاني العنب ومن الثالث التين، ومن الرابع الرمان فأكلا منها ما شاء، فأخرج عصاه من الحجر فعادت إلى الهيئة الأولى ثم قال (عليه السلام) إليك حاجة فقال هوذي: ما حاجتك.
قال: تدعو لي قال: هوذي لا تظن ان دعائي مستجاب وانى سألت الله من مدة حاجة ولم يستجب لي بعد فقال (عليه السلام): ما كان حاجتك قال: سألته أن يشرفني برؤية نبيه إبراهيم (عليه السلام) قال (عليه السلام) وأين عرفت إبراهيم حتى طلبت لقاءه قال: كنت رأيت غلاما حسن الهيئة وله ذؤابة طويلة وهو يدعو ويقول يا رب شرفني برؤية وجه أبي إبراهيم فقلت له من أنت يا غلام قال أنا إسماعيل بن إبراهيم وأنا إلى الآن كنت أطلب من الله لقاء إبراهيم فقال: يا هوذى فأنا إبراهيم خليل الرحمن فقد استجاب الله دعاءك فعند ذلك عانقه هوذى وأظهر كمال الاشتياق والمحبة وبكى وهذا أول الاعتناق ولم يكن قبل ذلك وقال (عليه السلام) يا هوذى أنا أريد لقاء إسماعيل فادع لي حتى يتيسر بسهولة عن قريب فدعا له فاستجاب الله حتى تحقق ملاقاتهما في ذلك المجلس واعتنقا فيه وبكى.
* الأصل:
592 - علي بن محمد، عن بعض أصحابه رفعه قال: كان علي بن الحسين (عليهما السلام) إذا قرأ هذه الآية: (وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها) يقول: سبحان من لم يجعل في أحد من معرفة نعمه إلا المعرفة بالتقصير عن معرفتها كما لم يجعل في أحد من معرفة إدراكه أكثر من العلم أنه لا يدركه، فشكر جل وعز معرفة العارفين بالتقصير عن معرفة شكره فجعل معرفتهم بالتقصير شكرا كما علم علم العالمين أنهم لا يدركونه فجعله إيمانا، علما منه أنه قد وسع العباد فلا يتجاوز ذلك فان شيئا من خلقه لا يبلغ مدى عبادته وكيف يبلغ مدى عبادته من لا مدى له ولا كيف، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
* الشرح:
قوله (قال سبحان من لم يجعل في أحد من معرفة نعمه إلا المعرفة بالتقصير عن معرفتها) نزهة أولا عن جميع النقايص للتنبيه على ان عدم الجعل ليس للنقص في احسانه بل لقصور البشر عن ادراك غير المحصور والإحاطة به والظاهر أن الحكم شامل للأنبياء أيضا وأن المراد بنعمه العموم والشمول لوقوع النكرة في سياق النفي والإضافة وأن المراد بمعرفة نعمه المعرفة التفصيلية إذ المعرفة الاجمالية غير متعذرة وأن التقصير عن معرفتها لا يدل لغة، على أن معرفتها ممكنة لجواز خروجها عن القدرة البشرية وان كانت في غاية الكمال كما يدل عليه التشبيه في قوله (كما لم