جبرئيل (عليه السلام) يأتي بالشمس من المغرب لو سأل نمرود إبراهيم (عليه السلام) أن يأتيها ربه من المغرب ولما لم يسأل توقف ظهورها من المغرب إلى قيام الساعة وقال الله تعالى وعزتي وجلالي لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من المغرب ليعلم الخلق أنى قادر على ذلك (فبهت الذي كفر) بهت الرجل بالكسر: إذا دهش وتحير، وبهت بالضم: مثله والضم أفصح (والله لا يهدي القوم الظالمين) الذين ظلموا أنفسهم بالامتناع من قبول الهداية التي حصلت بقوله (عليه السلام) فمعنى لا يهدي أنه لا يهديهم جبرا ولا يحملهم على قبول الحق قسرا وقال أبو جعفر (عليه السلام): عاب آلهتهم قد كان (عليه السلام) يذمهم ويعيب آلهتهم ويذكر نقصا ويحاجهم بدلايل التوحيد وبراهينه ويدعوهم إليه وهم أيضا كانوا يحاجونه بأقاويل باطلة وشبهات زايلة ويقولون إنك تركت ملة قومك ودين الملك ويذمونه على ذلك ويخوفونه من الملك والأصنام كما قال الله تعالى (وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان ولا أخاف ما تشركون إلا أن يشاء ربي شيئا)، وهكذا كانت المناظرة بينه وبينهم وكان يلزمهم دائما، وكان (عليه السلام) يترقب مناظرة الملك في ملأ من قومه ومجمع من الناس حتى حضر عيدا لهم وكان عادتهم إحضار أقسام من اللباس وأنواع من الشراب والطعام عند الأصنام في يوم العيد، وكانوا يأكلون ويشربون ويلبسون تلك الأثواب ويتبركون، فلما أرادوا الخروج إلى الصحراء تخلف (عليه السلام) عنهم بإظهار السقم كما قال تعالى (فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم) من باب التورية وأراد سقم قلبه بقتل الحسين (عليه السلام) كما دل عليه بعض الروايات أو لعبادتهم للأصنام ثم قال (عليه السلام) خفية (لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين) وسمع ذلك بعض القوم ولم يلتفتوا إليه لكونه مستبعدا في نظرهم (فلما تولوا عنه مدبرين إلى عيد لهم دخل (عليه السلام) على آلهتهم بقدوم) وقال على سبيل الاستهزاء ألا تأكلون مالكم لا تنطقون (فكسرها إلا كبيرا لهم) وقد كان من الذهب على سرير من الفضة مكللا بالجواهر واليواقيت وعلى يمينه ستة وثلاثون صنما وكذا على يساره ثم وضع القدوم في عنقه ليسند هذا الفعل إليه عند الحاجة وليس فيه كذب لما ذكرناه في كتاب الأصول فلما رجعوا ونظروا إلى ما صنع بآلهتهم قالوا من فعل هذا بآلهتنا، ثم قالوا كلهم (ما اجترأ عليها ولا كسرها إلا الفتى الذي كان) دايما (يعيبها) ويناظرنا عليها (ويبرأ منها) يقال له إبراهيم وشهد عليه من سمع قوله (لأكيدن أصنامكم) فأحضره عند الملك بأمره فوقع بينهما المناظرة على الوجه المذكور فبهت الذي كفر ثم اجتمع رأيهم على قتله (فلم يجدوا له قتلة أعظم من النار) القتلة بالكسر: الهيئة ينال قتله قتلة سوء، والقتلة بالفتح: المرة (فجمع له الحطب واستجادوه) في معارج النبوة أن نمرود أمر الصغير والكبير والوضيع والشريف والرجال والنساء بجمع الحطب يوما واجتمع الحطب أربعة فراسخ في أربعة فراسخ طولا وعرضا وارتفاعه كارتفاع الجبل وكان في نواحي كوفه ورأى أهل الشام لسان النار وسمع صوتها من كان على مسافة يوم وليلة وهذا من
(٥٣٢)