بحيرا الراهب نزل إليهم وكان قبلها لا يخرج لأحد فجعل يتخللهم فلما رآه أخذ بيده وقال: هذا سيد العالم هذا رسول رب العالمين فقالت له مشيخة من قريش: ما علمك به؟ قال: لما أشرفتم من العقبة لم يبق حجر وشجر إلا سجد له ولا يسجد إلا لنبي وإني أعرفه بخاتم النبوة مثل التفاحة وفيه أن موضعه كان بين الكتفين ومن طريق العامة أنه كان عند ناغض كتفه اليسرى، قال بعضهم:
الناغض من الإنسان: أصل العنق حيث ينغض رأسه ونغض الكتف هو العظم الرقيق على طرفيهما وقيل للناغض فرع الكتف سمي ناغضا للحركة ومنه قيل للظليم ناغض لأنه يحرك رأسه إذا جرى، وقال المازري: ناغض الكتف ما رق منه وسمي بذلك لنغوضه أي لتحركه نغض رأسه أي حركه ومنه قوله تعالى (فسينغضون إليك رؤوسهم) أي يحركونها استهزاء وأما مقداره فلم أجد تقديره في كلام الأصحاب وفي بعض أخبار العامة أنه كان مثل التفاحة وفي بعضها مثل بيضة الحمامة، وفي بعضها مثل بيضة الحجلة، وفي بعضها مثل الجمع، قال عياض: الجمع: الكف إذا جمع، يقال:
ضربته بجمع كفي إذا جمع كفه فضربه بها وقال المازري: الجمع: الكف وصورته بعد أن تجمع الأصابع وتضمها ثم فيه دلالة على أنه (عليه السلام) ولد به وفي بعض روايات العامة دلالة واضحة على أنه لم يولد به وهو ما رووه من حديث شق الصدر فيه «فلما أزال الملكان حظ الشيطان وعلق الدم منه قال أحدهما للآخر: خطه فخطه ووضع الخاتم بين الكتفين» وقال السهيلي: وحكمة وضع الخاتم أنه لما شق صدره وأزيل مغمز الشيطان ملىء قلبه حكمة وإيمانا فختم عليه كما يختم على الإناء المملوء مسكا، وحكمة وضعه عند نغض الكت لأنه المحل الذي يوسوس منه الشيطان وقد ذكروا في كتبهم أن شق الصدر كان بعد ما كان (عليه السلام) قادرا على المشي مع الأطفال ونقل الوسناني في إكمال الإكمال أنه (عليه السلام) كان بين الأطفال فرأوا رجلين أخذاه وشقا صدره فنادوا قتل محمد.
* الأصل:
460 - حميد بن زياد، عن محمد بن أيوب، عن محمد بن زياد، عن أسباط بن سالم، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: كان حيث طلقت آمنة بنت وهب وأخذها المخاض بالنبي (صلى الله عليه وآله) حضرتها فاطمة بنت أسد امرأة أبي طالب فلم تزل معها حتى وضعت فقالت إحداهما للأخرى: هل ترين ما أرى؟
فقالت: وماترين قالت: هذا النور الذي قد سطع ما بين المشرق والمغرب فبينما هما كذلك إذ دخل عليهما أبو طالب: فقال لهما: مالكما من أي شيء تعجبان؟ فأخبرته فاطمة بالنور الذي قد رأت فقال لها أبو طالب: ألا أبشرك؟ فقالت: بلى، فقال: أما إنك ستلدين غلاما يكون وصي هذا المولود.
* الشرح:
(حيث طلقت آمنة - اه) الطلق والمخاض بالفتح: وجع الولادة وقد طلقت المرأة تطلق على ما