* الأصل:
83 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد، عن ابن أبي نجران، عن محمد بن القاسم، عن علي بن المغيرة، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: سمعته يقول: إذا بلغ المؤمن أربعين سنة آمنه الله من الأدواء الثلاثة: البرص والجذام والجنون، فإذا بلغ الخمسين خفف الله عز وجل حسابه، فإذا بلغ ستين سنة رزقه الله الإنابة، فإذا بلغ السبعين أحبه أهل السماء، فإذا بلغ الثمانين أمر الله عز وجل باثبات حسناته وإلقاء سيئاته فإذا بلغ التسعين غفر الله تبارك وتعالى له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وكتب أسير الله في أرضه، وفي رواية أخرى: فإذا بلغ المائة فذلك أرذل العمر.
* الشرح:
قوله (إذا بلغ المؤمن أربعين سنة آمنه الله) أي غالبا (من الأدواء الثلاثة البرص والجذام والجنون) البرص بياض يظهر في ظاهر البدن لفساد المزاج، والجذام كغراب: علة تحدث من انتشار السوداء في البدن كله فتفسد مزاج الأعضاء أو هيئاتها وربما انتهى إلى أكلها وسقوطها، والجنون معروف سمي به لأنه يستر العقل ويزيله (فإذا بلغ الخمسين خفف الله تعالى حسابه) أي يسامحه في حساب يوم القيامة ويساهله في كثير من أموره ولا يشدد عليه (فإذا بلغ ستين سنة رزقه الله الإنابة) أي الرجوع إلى الله فيرغب في الطاعة ويندم من المعصية ويداوم ذكر الله تعالى.
قال أمير المؤمنين (عليه السلام) «العمر الذي أعذر الله تعالى فيه ابن آدم ستون سنة» يقال أعذر إليه أي بلغ به أقصى العذر قيل: معناه من عمره الله تعالى ستين سنة لم يبق له عذر في الرجوع إلى الله سبحانه بطاعته في مدة هذه المهلة وما يشاهد فيها من الآيات والعبرة مع ما أرسل إليه من الإنذار والتذكير، وقد روي عنه (صلى الله عليه وآله) أنه «لينادي مناد من قبل الله عز وجل أبناء الستين أولم يعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير» (فإذا بلغ السبعين أحبه أهل السماء) فيذكرون له بالخير ويدعون له ويستغفرون لذنوبه.
(فإذا بلغ الثمانين أمر الله تعالى بإثبات حسناته وإلقاء سيئاته) لا يخفى أن الإتيان في هذا السن بالسيئات أشنع والمخالفة للرب أقبح وأفظع ولكنه تعالى يرحمه لضعفه وعجزه فيأمر بإلقاء سيئاته لئلا يخجله على رؤوس الأشهاد ولا يشهره عند المقربين تفضلا عليه، ولعل هذا في بعض الأشخاص أو في بعض السيئات وإلا فقد مر في كتاب الأصول «إن الله تعالى لا ينظر يوم القيامة إلى شيخ زان».
(فإذا بلغ التسعين غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر) كان المراد بالذنوب الصغائر من حق الله تعالى مع احتمال الكبائر أيضا، وبالمتأخر الذنب الذي يفعله في هذا السن.
(وكتب أسير الله في أرضه) سمي أسيرا لأنه أسره قضاء الله فأخرجه من موطنه الأصلي وحبسه في دار الغربة