الموت العام وقد سمي بالطاعون وهما بمعنى واحد وقال الجوهري: الطاعون الموت المسبب من الوباء فيفهم منه أن الطاعون نفس الموت المسبب من الوباء، وقيل: مرض مخصوص وهو غدة كغدة البعير تخرج في المراق والآباط غالبا وقد تخرج في الأيدي والأصابع وغيرها من الأعضاء حيث شاء الله تعالى، فعلى هذا كل طاعون وباء ولا ينعكس.
وقال القرطبي: هو نقمة يرسلها الله على من شاء من عصاة عبيده وكفرتهم، ورحمة وشهادة للصالحين من عباده، وقال عياض: إنه عذاب يبعثه الله تعالى على من شاء ثم يجعله رحمة للمؤمنين، وفيه جواز الفرار منه والخروج من الأرض الموبوءة إلى غيرها لأن في المقام فيها إيقاع النفس إلى التهلكة والأوهام المشوشة لها، وسر ذلك - على ما أشار إليه الغزالي في آخر كتاب التوكل من الإحياء - أن سبب الوباء عند الأطباء هو عفونة الهواء، والهواء لا يؤثر بأول ملاقاة الجسد بل حتى يدوم الاستنشاق فإذا دام استنشاقه وصل إلى الرية والقلب وباطن الأحشاء فيؤثر فيها، فإذا خرج سلم إلا إذا تعلق المشيئة بموته.
ومن طرق العامة روايات متكثرة للمنع من الدخول في أرض الوباء والخروج منها، روى مسلم منها خمسة عشر، منها ما رواه عن اسامة بن زيد قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله) «الطاعون رجز ارسل على بني إسرائيل أو على من كان قبلكم فإذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه».
والبواقي كلها بهذا المضمون وهم قد اختلفوا فأخذ أكثرهم بتلك الروايات فمنعوا الفرار منه والقدوم عليه حتى قال بعضهم: الفرار منه كالفرار من الزحف، وبعضهم أجاز الأمرين، وقال بعضهم: لم ينه عن الخروج خوف أن يهلك قبل أجله ولا عن الدخول خوف أن يصيبه غير ما كتب الله له ولكن خوف فتنة الحي بظن أن هلاك من دخل لدخوله ونجاة من خرج لخروجه، ونقل عن ابن مسعود أن الطاعون فتنة على المقيم والفار، يقول المقيم أقمت فمت، ويقول الفار فررت فنجوت، وإنما فر من لم يحضر أجله وأقام من جاء أجله فمات.
(إنما نهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ذلك لمكان ربئة) هي بفتح الراء وكسر الباء الموحدة وفتح الهمزة طليعة يقال ربئهم ولهم كمنع صار ربئة لهم أي طليعة. والمركز موضع الرحل ومحله وحيث أمر الجند أن يلزموه.
* الأصل:
86 - علي، عن أبيه، عن ابن أبي عمير، عن أبي مالك الحضرمي، عن حمزة ابن حمران، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: ثلاثة لم ينج منها نبي فمن دونه، التفكر في الوسوسة في الخلق والطيرة والحسد إلا أن المؤمن لا يستعمل حسده.
* الشرح: