(يقول الله عز وجل: ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر): أي منصب، قال القاضي: وهو مبالغة وتمثيل لكثرة الأمطار وشدة انصبابها (وفجرنا الأرض عيونا): أي فجرنا عيون الأرض إلا أنه علق الفعل على الأرض للمبالغة حتى كأنها كلها صارت عيونا منفجرة (فالتقى الماء) ماء السماء وماء الأرض (على أمر قد قدر) أي على مقدار قدره الله في الأزل من غير زيادة ونقصان أو على أمر قدره الله تعالى وهو هلاك قوم نوح (وحملناه على ذات ألواح ودسر) أراد بها السفينة بذكر أوصافها للدلالة على كمال قدرته والدسر بالضم وبضمتين: جمع الدسار وهو المسمار والخيط من ليف يشد بها ألواح السفينة (ولقد نقص عن ذرعه سبعمائة ذراع) الظاهر أن الضمير المجرور وفاعل نقص راجعان إلى المسجد وأن المراد بالنقص النقص الأول بالطوفان فلا يستبعد نحر سفينة طولها ألف ومائتا ذراع فيوسطه.
423 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن الحسن بن علي، عن بعض أصحابه، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: جاءت امرأة نوح (عليه السلام) وهو يعمل السفينة فقالت: إن التنور قد خرج منه ماء فقام إليه مسرعا حتى جعل الطبق عليه وختمه بخاتمه فقام الماء فلما فرغ من السفينة جاء إلى الخاتم ففضه وكشف الطبق ففار الماء.
* الأصل:
424 - على بن إبراهيم، عن أبيه، عن أحمد بن محمد بن أبي نصر، عن أبان بن عثمان، عن إسماعيل الجعفي، عن أبى جعفر (عليه السلام) قال: كانت شريعة نوح (عليه السلام) أن يعبد الله بالتوحيد والإخلاص وخلع الأنداد وهي الفطرة التي فطر الناس عليها وأخذ ميثاقه على نوح (عليه السلام) وعلى النبيين (عليهم السلام) أن يعبدوا الله تبارك وتعالى ولا يشركوا به شيئا، وأمر بالصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والحلال والحرام، ولم يفرض عليه أحكام حدود ولا فرض مواريث فهذه شريعة فلبث فيهم نوح ألف سنة الا خمسين عاما يدعوهم سرا وعلانية فلما أبوا وعتوا قال: (رب إني مغلوب فانتصر) فأوحى الله جل وعز إلى «أنه لن يؤمن من قومك الا من قد آمن فلا تبتس بما كانوا يعملون فلذلك قال نوح (عليه السلام): (ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا) فأوحى الله عز وجل إليه (أن اصنع الفلك).
* الشرح:
(كانت شريعة نوح أن يعبد الله بالتوحيد والاخلاص وخلع الأنداد) التوحيد: الإقرار بأنه تعالى واحد لا شريك له في الوجود والوجوب الذاتيين ولا يتجزى ولا ينقسم، والإخلاص: تنزيه النية والعمل عن أن يكون لغيره تعالى فيها نصيب، والأنداد جمع الند - بالكسر -: وهو مثل الشيء الذي يضاده في أموره ويناده أي يخالفه (وهي الفطرة التي فطر الناس عليها) نبه به على أن الولادة تقع على ذلك