المكروبين) الصريخ: بمعنى الصارخ وهو المغيث والمستغيث ضد، والمراد هنا الأول (وأرسل عينيه) أي ألقاهما إلى الأرض تخشعا أو بكى وأرسل دموعها (فإنه ليس سنة مقام) إنما قال إبليس ذلك لعلمه بأن ذلك من عذاب الله تعالى على الأحزاب لو أقاموا فخاف أن يهلكوا جميعا ويستولى النبي (صلى الله عليه وآله) على جميع البلاد بلا منازع ولا محارب فأمرهم بالارتحال طمعا لحياتهم ووقوع الكرة والاجتماع مرة أخرى (فقام أبو سفيان) ابن حرب بن عبد شمس بن عبد مناف وهو أموي وكان من صناديد قريش في الجاهلية وعداوته للنبي (صلى الله عليه وآله) ومحاربته معه يوم أحد مشهورة أسلم ظاهرا يوم الفتح قال القرطبي: قال أبو عمر واختلف هل حسن إسلامه أم لا فطائفة على الأول وشهد حنينا وطائفة على الثاني وقالوا: إنه كان كهفا للمنافقين منذ أسلم وكان إسلامه يوم الفتح كرها (ثم صاح في قريش النجاء النجاء) قال أبو عبد الله شارح مسلم: النجاء بالمد والقصر وهو مصدر بمعنى انج وحكى عن عياض أنه إن أفرده المعروف فيه المد، وعن أبي زيد فيه القصر أيضا فأما إذا كرروه وقالوا النجا النجا ففيه الوجهان وقال ابن الأثير في النهاية: معناه أنجوا بأنفسكم وهو مصدر منصوب بفعل مضمر أي انجو النجاء. وتكراره للتأكيد والنجاء: السرعة، يقال: نجا ينجو نجاء إذا أسرع (ثم فعل الحارث بن عون المري مثلها) مرة أبو قبيلة من قريش وهو مرة بن كعب والنسبة إليها مري وفي بعض النسخ عوف بالفاء (فمن غيره عن خطته) الخطة بالكسر: المكان المعلم عليه المختط لبناء دار وغيرها من العمارات.
* الأصل:
421 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن ابن محبوب، عن هشام الخراساني عن المفضل بن عمر قال:
كنت عند أبي عبد الله (عليه السلام) بالكوفة أيام قدم على أبي العباس فلما انتهينا إلى الكناسة قال: ههنا صلب عمي زيد رحمه الله ثم مضى حتى انتهى إلى طاق الزياتين وهو آخر السراجين فنزل وقال:
انزل فإن هذا الموضع كان مسجد الكوفة الأول الذي خطه آدم (عليه السلام) وأنا أكره أن أدخله راكبا قال:
قلت: فمن غيره عن خطته؟ قال: أما أول ذلك الطوفان في زمن نوح (عليه السلام) ثم غيره أصحاب كسرى ونعمان ثم غيره بعد زياد بن أبي سفيان، فقلت: وكانت الكوفة ومسجدها في زمن نوح (عليه السلام)؟ فقال لي: نعم يا مفضل وكان منزل نوح وقومه في قرية على منزل من الفرات مما يلي غربى الكوفة قال:
وكان نوح (عليه السلام) رجلا نجارا فجعله الله عز وجل نبيا وانتجبه ونوح (عليه السلام) أول من عمل سفينة تجري على ظهر الماء.
قال: ولبث نوح (عليه السلام) في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما يدعوهم إلى الله عز وجل فيهزؤون به ويسخرون منه، فلما رأى ذلك منهم دعا عليهم فقال: «رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا * إنك إن تذرهم يضلوا عبادك ولا يلدوا إلا فاجرا كفارا» فأوحى الله عز وجل إلى نوح