هؤلاء قوم من المرجئة والقدرية والمعتزلة، فقال: إن القوم يريدوني فقم بنا فقمت معه فلما أن رأوه نهضوا نحوه فقال لهم: كفوا أنفسكم عني ولا تؤذوني وتعرضوني للسلطان فإني لست بمفت لكم ثم أخذ بيدي وتركهم ومضى فلما خرج من المسجد قال لي: يا أبا محمد والله لو أن إبليس سجد لله عز ذكره بعد المعصية والتكبر عمر الدنيا ما نفعه ذلك ولا قبله الله عز ذكره ما لم يسجد لآدم كما أمره الله عز وجل أن يسجد له، وكذلك هذه الأمة العاصية المفتونة بعد نبيها (صلى الله عليه وآله) وبعد تركهم الإمام الذي نصبه نبيهم (صلى الله عليه وآله) لهم فلن يقبل الله تبارك وتعالى لهم عملا ولن يرفع لهم حسنة حتى يأتوا الله عز وجل من حيث أمرهم ويتولوا الإمام الذي أمروا بولايته ويدخلوا من الباب الذي فتحه الله عز وجل ورسوله لهم، يا أبا محمد إن الله افترض على أمة محمد (صلى الله عليه وآله) خمس فرائض: الصلاة والزكاة والصيام والحج وولايتنا فرخص لهم في أشياء من الفرائض الأربعة ولم يرخص لأحد من المسلمين في ترك ولايتنا، لا والله ما فيها رخصة.
* الشرح:
(ولا تؤذوني وتعرضوني للسلطان) عرضته له من باب علم وضرب أظهرته له (فرخص لهم في أشياء من الفرائض الأربعة ولم يرخص لأحد من المسلمين في ترك ولايتنا إلا والله ما فيها رخصة) الرخصة بضم وبضمتين: ترخيص الله تعالى العبد فيما يخففه عليه والتسهيل ورخص له في كذا ترخيصا جوز له تركه تخفيفا، ولعل المراد بالرخصة فيها تجويز تركها عند الاعذار كفوات الطهارة والنصاب والقدرة والاستطاعة وأمثال ذلك مما هو شرط لوجوبها بخلاف الولاية فإنه لا يجوز تركها في حال من الأحوال ويمكن ان يكون كناية عن عدم العقوبة بتركها بالعفو والشفاعة ونحوهما بخلاف الولاية فإن تاركها معاقب أبدا، ويقرب منه قول من قال الرخصة عبارة عن عدم الحكم بكفر تاركها وعدمها عبارة عن الحكم بكفره.
* الأصل:
400 - عدة من أصحابنا، عن أحمد بن محمد بن خالد، عن عثمان بن عيسى، عن أبي إسحاق الجرجاني، عن أبي عبد الله (عليه السلام) قال: إن الله عز وجل جعل لمن جعل له سلطانا أجلا ومدة من ليال وأيام وسنين وشهور فإن عدلوا في الناس أمر الله عز وجل صاحب الفلك أن يبطىء بادارته فطالت أيامهم ولياليهم وسنيهم وشهورهم وإن جاروا في الناس ولم يعدلوا أمر الله تبارك وتعالى صاحب الفلك فأسرع بإدارته فقصرت لياليهم وأيامهم وسنيهم وشهورهم، وقد وفي لهم عز وجل بعدد الليالي والشهور.
* الشرح: