الله شرها» قال صاحب النهاية: أراد بالفلتة الفجأة ومثل هذه البيعة جدير بأن يكون هيجة للشر والفتنة فعصم الله من ذلك ووقى، والفلتة: كل شيء فعل من غير روية وإنما بودر بها خوف انتشار الأمر وقيل: أراد بالفلتة: الخلسة أي إن الإمامة يوم السقيفة مالت إلى توليها الأنفس ولذلك كثرت فيها التشاجر فما قلدها أبو بكر إلا انتزاعا من الأيدي واختلاسا وقيل: الفلتة آخر ليلة من الأشهر الحرم فيختلفون فيها أمن الحل هي أم من الحرم فيسارع الموتور إلى درك الثأر فيكثر الفساد وتسفك الدماء فشبه أيام النبي (صلى الله عليه وآله) بالأشهر الحرم ويوم موته بالفتنة من وقوع الشر من ارتداد العرب وتخلف الأنصار عن الطاعة ومنع الزكاة والجرى على عادة العرب في أن لا يسود القبيلة إلا رجل منها انتهى.
وروى مسلم في صحيحه قال: «كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال احصوا بي كم يلفظ الإسلام قال: فقلنا: يا رسول الله أتخاف علينا وما نحن ما بين الستمائة إلى السبعمائة قال: إنكم لا تدرون لعلكم أن تنقلوا:
قال فابتلينا حتى جعل الرجل منا لا يصلي إلا سرا» انتهى قال أبو عبد الله شارح هذا الصحيح:
احصوا: أي عدوا والإسلام منصوب على إسقاط الجار أي بالإسلام وكم استفهامية أي كم شخصا وقال القرطبي: شارحه هذا لم يقع في زمنه (صلى الله عليه وآله) ويحتمل أن يكون ذلك في فتنة عثمان، وقال المازري: شارحه ولعله من بعض الفتن الواقعة بعد موته فكان أحدهم يخفي نفسه ويصلي سرا مخافة الظهور والمشاركة في الحرب، وروى مسلم في صحيحه أيضا عن ابن عمر عن النبي (صلى الله عليه وآله) «أن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ» قال القرطبي في شرحه المقصود الأخبار بأن الإسلام نشأ في أحاد وقلة وسيلحقه النقص حتى يصير في أحاد وقلة انتهى، وروى فيه أيضا عن أبي هريرة قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «ترد على امتي الحوض وأنا أذود الناس عنه كما يذود الرجل إبل الرجل عن إبله قالوا: يا رسول الله تعرفنا قال: نعم لكم سيماء ليست لأحد من الأمم غيركم تردون علي غراء محجلين من آثار الوضوء ولتصدن عني طائفة منكم فلا تصلون فأقول: يا رب هؤلاء من أصحابي فيجيبني ملك فيقول فهل تدري ما أحدثوا بعدك» وروي عنه أيضا عن رسول الله (صلى الله عليه وآله) في حديث طويل أنه قال في آخره: «ألا ليذادن رجال عن حوضي كما يذاد البعير الضال أناديهم ألا هلم فيقال: إنهم قد بدلوا بعدك فأقول سحقا سحقا» قال بعض فضلائهم: هم المرتدون بعد وفاته (صلى الله عليه وآله) وقال بعض آخر منهم وفي الحديث من أعلام نبوته المتعلقة بالأخبار عن المغيبات أربعة: صفة أمته في الآخرة، وتبديلهم بعده، والثالث: مالهم في الآخرة وتقرير الحكم فيهم، والرابع: أن له حوضا في الآخرة وقال أبو عبد الله شارحه بعد نقل هذا القول روى عن مالك أنه ندم عن رواية هذا الحديث فقال: ليتني لم أروه وإنما قال ذلك لما فيه من تبديل أصحابه (عليه السلام) انتهى.
وفيه أيضا عن أبى