ونكتب آثاركم) أي بل ذلك القول منا لنختبر أخباركم عن إيمانكم وطاعتكم وموالاتكم لنا ونكتب آثاركم وأعمالكم البدنية والقلبية من العلم واليقين وغيرهما ليظهر لكم صدقها وكذبها وحسنها وقبحها ومراتبها لا ليحصل لنا العلم بها.
(فقال والله فكأنما مادت بهم الأرض حياء مما قال حتى أني لأنظر إلى الرجل منهم يرفض عرقا.
انتهى) الميد: التحرك والميل والاضطراب يقال ما ديميد ميدا إذا تحرك ومال الإرفضاض:
الجريان والسيلان، يقال: أرفض عرقا ارفضاضا إذا جرى عرقه وسال، والحياء تغير وانكسار ويلحق من فعل أو ترك ما يذم به وهو ههنا حصل لهم مما قال (عليه السلام) من كثرة الوصف وقلة الفعل وهو في الحقيقة ذمهم بأنهم ليسوا من أهل الفعل فحصل لهم بذلك انقباض واضطراب ويأس من كونهم من أهل الجنة لما فهموا من أن أهل الجنة هو أهل الفعل، فلما رأى (عليه السلام) منهم ترحم بهم وقال ليس المراد ذلك وإنما المراد بيان تفاوت درجات أهل الوصف وأهل الفعل فلما بشرهم بذلك خرجوا من القنوط واليأس وحصل لهم الانبساط حتى كأنهم نشطوا من عقال أي خرجوا منه، قولهم: نشط من المكان ينشط أي خرج منه وهذا كناية عما حصل لهم من ذلك الترحم والبيان من كثرة النشاط والفرح والسرور.
* الأصل:
290 - وبهذا الإسناد، عن محمد بن سليمان، عن إبراهيم بن عبد الله الصوفي قال: حدثني موسى بن بكر الواسطي قال: قال لي أبو الحسن (عليه السلام): لو ميزت شيعتي لم أجدهم إلا واصفة ولو امتحنتهم لما وجدتهم إلا مرتدين ولو تمحصتهم لما خلص من الألف واحد ولو غربلتهم غربلة لم يبق منهم إلا ما كان لي، إنهم طال ما اتكؤا على الأرائك، فقال: نحن شيعة علي، إنما شيعة علي من صدق قوله فعله.
* الشرح:
قوله: (لو ميزت شيعتي ما وجدتهم إلا واصفة. انتهى) أي لو ميزتهم عن غيرهم ما وجدتهم إلا واصفين قائلين بالتشيع وهذا الوصف لم يوجد في غيرهم فهم به يمتازون عنهم ثم الواصفين لو امتحنتهم واختبرت أحوالهم ما وجدت أكثرهم إلا مرتدين صارفين عن سيرتي غير آخذين بأمري ولا عاملين بما هو خير لهم، ثم الآخذون العاملون لو تمحصتهم وفتشت كيفية أخذهم وعملهم وأخلاقهم بنوع من التمحيص والتخليص ما وجدت أكثرهم إلا غير خالصين، ثم الخالصون وهم الأقلون جدا لو غربلتهم غربلة وحركتهم تحريكا بغربلة البلايا والمحن والمصائد والشدائد لم يبق منهم إلا قليل وهو من كان لي وأخذ بسيرتي، وإليه يرشد قول الصادق (عليه السلام) «المؤمن أعز من الكبريت الأحمر فمن رأى منكم الكبريت الأحمر» وإن شئت أن تعرف قلة