قوله (فليحذر الذين يخالفون عن أمره) بترك الامتثال أو بعدم الاقرار به والأول أنسب (إن تصيبهم فتنة أو يصيبهم عذاب أليم) الفتنة: الامتحان والاختبار وفيه فتنة القبر وفتنة الدجال وغير ذلك ثم كثر استعمالها فيما أخرجه الاختبار للمكروه ثم كثر حتى استعمل بمعنى الإثم والكفر والقتال والإحراق والإزالة والصرف عن الحق والعذاب أعم من الجراحة وغيرها ولعل ذكر الفتنة في الدين والجراحة من باب التمثيل.
* الأصل:
282 - سهل بن زياد، عن محمد، عن يونس، عن عبد الأعلى قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام): إن شيعتك قد تباغضوا وشنىء بعضهم بعضا فلو نظرت - جعلت فداك - في أمرهم فقال: لقد هممت أن أكتب كتابا لا يختلف علي من اثنان: قال: فقلت: ما كنا قط أحوج إلى ذلك منا اليوم، قال: ثم قال: إني هذا ومروان وابن ذر؟! قال: فظننت أنه قد منعني ذلك، قال: فقمت من عنده فدخلت على إسماعيل فقلت: يا أبا محمد إني ذكرت لأبيك اختلاف شيعته وتباغضهم فقال:
لقد هممت أن أكتب كتابا لا يختلف علي منهم اثنان، قال: فقال ما قال مروان وابن ذر! قلت: بلى، قال: يا عبد الأعلى إن لكم علينا لحقا كحقنا عليكم والله ما أنتم إلينا بحقوقنا أسرع منا إليكم، ثم قال: سأنظر، ثم قال: يا عبد الأعلى ما على قوم إذا كان أمرهم أمرا واحدا متوجهين إلى رجل واحد يأخذون عنه ألا يختلفوا عليه ويسندوا أمرهم إليه، يا عبد الأعلى إنه ليس ينبغي للمؤمن وقد سبقة أخوه إلى درجة من درجات الجنة أن يجذبه عن مكانه الذي هو به ولا ينبغي لهذا الاخر الذي لم يبلغ أن يدفع في صدر الذي لم يلحق به ولكن يستلحق إليه ويستغفر الله.
* الشرح:
قوله: (إن شيعتك قد تباغضوا وشنأ بعضم بعضا) شنأه كمنعه وسمعه شنئا ويثلث وشناءة مثل شناعة: أبغضه (فلو نظرت جعلت فداك في أمرهم) بالنصح والإصلاح ولو للتمني أو للشرط والجزاء محذوف ثم قال: (لقد هممت أن أكتب كتابا إليهم لا يختلف علي منهم اثنان) كناية عن رفع الاختلاف بينهم بالكلية وذكر الاثنين لأنهما أقل محل المنازعة والمخاصمة (ثم قال: إني هذا ومروان وابن ذر) لعل المراد أني يمكن هذا الكتاب مع وجودهما أو الحال أنهما موجودان وكأنه (عليه السلام) كان يتقي منهما ويؤيد هذا الاحتمال قول السايل فظننت أنه قد منعني ذلك وقول إسماعيل ما قال مروان وابن ذر والله يعلم (يا عبد الأعلى إن لكم علينا لحقا كحقنا عليكم) الحق الأول: هو الهداية والعدل والنصيحة والإرشاد، والحق الثاني: هو الطاعة والرضا والتسليم والانقياد ثم أشار إلى أنهم (عليهم السلام) أولى في أداء حقوق الشيعة من الشيعة في أداء حقوقهم بقوله (والله ما أنتم إلينا