بأهل الأرض جميعا وفيه دلالة على أن أصابتهم الطيبات بالعرض وباعتبار وجود المؤمن (ما لهم في الدنيا ولا في الآخرة من نصيب) أما في الآخرة فلا نصيب لهم أصلا وأما في الدنيا فلا نصيب لهم بالذات ويحتمل أن يكون جملة دعائية (كل ناصب وإن تعبد واجتهد) في العبادة كما وكيفا والمراد بالناصب هنا أهل الخلاف جميعا (منسوب إلى هذه الآية) ومصداق لها (عاملة ناصبة) تعمل وتتعب في أعمال غير نافعة يوم ينفع العاملين أعمالهم (تصلى نارا حامية) أي تدخل نارا متناهية في الحرارة والإحراق ثم أكد ذلك بقوله (كل ناصب مجتهد فعمله هباء) الهباء: التراب وهو في الأصل ما ارتفع من تحت سنابك الخيل والشيء المنبث الذي تراه في ضوء الشمس شبه به أعمالهم في انتشارها وعدم تصور النفع (فيها شيعتنا ينطقون) في الولاية والأحكام وغيرهما (بنور الله عز وجل) أي بعمله المنزل إلى الرسول (صلى الله عليه وآله) (ومن خالفهم ينطق) (1) فيما ذكر (بتفلت) أي فجأة من عند أنفسهم بلا رؤية واستناد إلى أصل متحقق وفي النهاية التفلت التعرض للشيء فجأة ومنه حديث عمر «إن بيعة أبي بكر كانت فلتة وقى الله شرها» أراد بالفلتة: الفجأة، ومثل هذه البيعة جدير بأن تكون هيجة للشر والفتنة فعصم الله من ذلك ووقى، والفلتة: كل شيء وفعل من غير روية وإنما بودر بها خوف انتشار الأمر، وقيل: أراد بالفلتة: الخلسة أي أن الإمامة يوم السقيفة مالت إلى توليها الأنفس ولذلك كثر فيها التشاجر فما قلدها أبو بكر إلا انتزاعا من الأيدي واختلاسا.
فانظر رحمك الله كيف أنطق الله لسان ذلك الرجل بالحق ليكون حجة عليه وعلى من تبعه (والله ما من عبد من شيعتنا ينام إلا أصعد الله روحه إلى السماء فيبارك عليها) أي يديم عليها ما أعطاها من التشريف والكرامة أو يزيدهما لها (جعلها في كنوز رحمته) أي جعلها مدخرة تحت رحمته ليردها إليه يوم البعث كما يدخر المال تحت الأرض (وفي رياض جنته) هي إما الجنة المعروفة أو جنة في الدنيا معدة لأرواح المؤمنين كما مر مثله (وفي ظل عرشه) أي ظل رحمته أو في كنفها وهو كناية عن القرب حتى كان الرحمة ألقت الظل عليها ويحتمل أن يراد بالعرش: العرش الجسماني وقد مر (وإن كان أجلها متأخرا بعث بها مع أمنته من الملائكة) الأمنة: جمع الأمين وهو الحافظ ( ليردها إلى الجسد الذي خرجت منه لتسكن فيه) قال الله تعالى: (الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمسك التي قضى عليه الموت فيرسل الأخرى إلى أجل مسمى إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون) (وإن فقراءكم لأهل الغنى) يحسبهم الناس أغنياء من التعفف لغناء نفوسهم الشريفة عن السؤال أو المراد به الغناء الأخروي لتحصيلهم أسباب الآخرة (وإن أغنياءكم لأهل القناعة) يقنعون