خلفه: يا سليمان بن خالد: لا يزال القوم في فسحة من ملكهم ما لم يصيبوا منا دما حراما - وأومأ بيده إلى صدره - فإذا أصابوا ذلك الدم فبطن الأرض خير لهم من ظهرها يومئذ لا يكون لهم في الأرض ناصر ولا في السماء عاذر، ثم انطلق سليمان بن خالد فأخبر أبا الدوانيق فجاء أبو الدوانيق إلى أبي جعفر (عليه السلام) فسلم عليه ثم أخبره بما قال له داود بن علي وسليمان بن خالد، فقال له: نعم يا أبا جعفر دولتكم قبل دولتنا وسلطانكم قبل سلطاننا، سلطانكم شديد عسر لا يسر فيه، وله مدة طويلة والله لا يملك بنو أمية يوما إلا ملكتم مثليه ولا سنة إلا ملكتم مثليها وليتلقفها صبيان منكم فضلا عن رجالكم كما يتلقف الصبيان الكرة أفهمت؟ ثم قال: لا تزالون في عنفوان الملك ترغدون فيه ما لم تصيبوا منا دما حراما فإذا أصبتم ذلك الدم غضب الله عز وجل عليكم فذهب بملككم وسلطانكم وذهب بريحكم وسلط الله عز وجل عليكم عبدا من عبيده أعور - وليس بأعور من آل أبي سفيان - يكون استيصالكم على يديه وأيدي أصحابه ثم قطع الكلام.
* الشرح:
قوله: (ما منع جباركم من أن يأتيني) الجبار: المتمرد العاتي، وقيل: الذي يقهر الخلائق على ما أراد من أمر ونهي (فعذروه عنده) المعذر بالتشديد: المظهر للعذر اعتلالا من غير أن يكون له حقيقة ( قال: نعم يا داود لا يملك بنو أمية يوما إلا ملكتم مثلية ولا سنة إلا ملكتم مثليها) إثبات زيادة المثل لا ينافي زيادة الأكثر منه إلا بمفهوم اللقب وهو ليس بحجة اتفاقا فلا يرد أن مدة ملك بني أمية ثمانون سنة ومدة ملك بني عباس خمسمائة سنة ولعل النكتة في الاقتصار على المثلين بيان أصل الزيادة لا قدرها أو التنبية على سرعة زوال ملكهم كيلا يغتروا به (وليتلقفها الصبيان عنهم كما يتلقف الصبيان الكرة) عند اللعب، والتلقف: الأخذ والتناول بسرعة وفي الكنز: الكرة «گوى كه بصولجان يعنى بچوگان بازند» (لا يزال القوم في فسحة): أي في سعة (من ملكهم ما لم يصيبوا منا دما حراما. انتهى).
قال الأمين الإسترابادي: يمكن أن يكون المراد ما فعله هارون قتل في ليلة واحدة كثيرا من السادات، ويمكن أن يكون المراد قتلهم المقتولين بفخ وهو موضع قريب مكة والعاذر: اسم فاعل من عذرت له عذرا من باب ضرب رفعت عنه اللوم فهو معذور أي غير ملوم (ثم قال: لا تزالون في عنفوان الملك): أي في أوله وأول بهجته ونضارته (ترغدون فيه) في القاموس عيشة رغد ورغد:
واسعة طيبة والفعل كسمع وكرم (وذهب بريحكم) الريح: الغلبة والقوة والنصرة والدولة (وسلط الله عليكم عبدا من عبيده أعور) في النهاية العرب تقول للذي ليس له أخ من أبيه وامه أعور وقيل:
إنهم يقولون للردي من كل شيء من الأمور والأخلاق أعور وللمؤنث منه عوراء (وليس بأعور من آل أبي سفيان) بل المراد به أعور من أولاد الترك وهو هلاكو وقد كان رديا في