من الله تعالى وفي نسخه «اليأس في» الموضعين ثم أمره بتفويض الأمور إلى الله تعالى والتوكل عليه بقوله (وقل حسبي الله ونعم الوكيل) أي هو بتقدير المخصوص بالمدح بعده وعطف الفعلية الانشائية على الاسمية الخبرية جائز إذا كان لها محل من الأعراب كما صرح به جماعة من المحققين وأن أبيت فقدر المخصوص بالمدح قبله وأول الخبر بالتأويل المشهور. ثم نبهه الحسن (عليه السلام) بأنه تعالى عالم بحاله وحال من سيره بقوله (وأن الله عز وجل بالمنظر الأعلى) المنظر اما مصدر بمعنى النظر وفعله من باب ضرب وسمع أو ما نظرت إليه أو أشرف المراتب ومنه مناظر الأرض أي أشرفها والمعنى على جميع التقادير أنه تعالى ينظر إلى كل شيء ويرى أسفله وباطنه كما يرى أعلاه وظاهره ويرى قلوب العباد وخطراتها وأعمالهم الجلية وخفياتها، ثم قال الحسين (عليه السلام) تسلية (إن الله تبارك وتعالى قادر أن يغير ما ترى من ضعف) أهل الدين وقوة أهل الجور (وهو كل يوم في شأن) أي في أمر من الأمور وحال من الأحوال فيجدد أمورا ويغفر ذنبا ويفرج كربا ويرفع قوما ويضع آخرين وله في الجميع حكمة واختيار (فما أغناك عما منعوك وأحوجهم إلى ما منعتهم) «ما» تعجبية والمعنى أن لك غني عظيم عن دنياهم ولهم حاجة عظيمة إلى دينك فإذا لم يأخذوا عنك الدين مع شدة احتياجهم إليه فكيف تأخذ عنهم الدنيا مع كمال غناك عنها فاترك لهم دنياهم وانج بدينك واصبر، ثم دعا عمار على عثمان بقوله (أوحش الله من أو حشك) أي أبعد الله عن رحمته من أبعدك عن المدينة أو جعل الله بلا أنيس من جعلك بلا أنيس أو جعل الله مهموما من جعلك مهموما وأخاف من أخافك من سلطانه وبطشه (أنه والله ما منع الناس أن يقولوا) ما تقول أو الحق ويؤيد الثاني وجوده في بعض النسخ والمال واحد (إلا إنما الطاعة مع الجماعة) أي ما طاعة الله وطاعة الرسول إلا مع الجماعة وهم أهل البيت (عليهم السلام) ثم أجابهم أبو ذر بعد التسليم والثناء عليهم بقوله (ومالي بالمدينة شجن ولا سكن غيركم) في المصباح الشجن بفتحتين: الحاجة والجمع شجون مثل أسد وأسود وأشجان مثل سبب وأسباب والسكن بالتحريك ما يسكن إليه (وأنه ثقل على عثمان جواري بالمدينة كما ثقل على معاوية بالشام) كان (رحمه الله) يذمهم عند أهل الشام ويعد قبايح عثمان ومن قبله وما صنعوا من غصب الخلافة وإبطال حق آل الرسول فكتب معاوية إلى عثمان وأخبره فطلبه إلى المدينة فكان يفعل في المدينة مثل ما كان يفعل الشام فخاف عثمان أن يفسد عليه أمره فضربه فلم ينفع فحلف أن يسيره إلى بلدة فطلب (رحمه الله) أن يسيره إلى الكوفة فخاف عثمان أن يفسد على أخيه وليد أهل الكوفة فأخرجه إلى الربذة لئلا يكون فيها أنيسا ولا جليسا ولا يسمع فيها صوتا ولا حسيسا.
* الأصل:
252 - أبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن ابن فضال، والحجاج جميعا، عن