صدقها على آيات القرآن أيضا (فقال: بلى والله لقد كذبوه أشد التكذيب) وهو التكذيب على وجه المبالغة والإصرار عليه فلا ينبغي قراءة «لا يكذبونك» بالتشديد لأنه خلاف الواقع لوقوعه فيه بل ينبغي أن يقال بالتخفيف من أكذبه إذا بين كذبه بدليل كما أشار إليه بقوله (ولكنها مخففة) من أكذبه، قال بعض المفسرين: قرأ نافع والكسائي بالتخفيف من أكذبه والضمير في لكنها راجع إلى لا يكذبونك والتأنيث باعتبار الكلمة أو الصيغة أو إلى الآية والتخفيف باعتبار جزئها، ثم أشار إلى حاصل المعنى بقوله (لا يكذبونك لا يأتون بباطل يكذبون به حقك) يكذبون به حقك أما من أكذبه إذا وجده كاذبا مثل أبخلته أو من كذبه تكذيبا إذا نسبه إلى الكذب مثل فسقته فمعنى لا يكذبونك من أكذبه أنهم لا يأتون بباطل أي بأمارة باطلة وشبهة كاذبة يجدون به حقك كاذبا أو ينسبونه إلى الكذب هذا ما خطر بالبال والله يعلم حقيقة كلامه وكلام وليه.
* الأصل:
242 - أبو علي الأشعري، عن محمد بن عبد الجبار، عن صفوان بن يحيى، عن ابن مسكان، عن أبي بصير، عن أحدهما (عليهما السلام) قال: سألته عن قول الله عز وجل: «ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا أو قال اوحي إلي ولم يوح إليه شيء» قال: نزلت في ابن أبي سرح الذي كان عثمان استعمله على مصر وهو ممن كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم فتح مكة هدر دمه وكان يكتب لرسول الله (صلى الله عليه وآله) فإذا أنزل الله عز وجل «إن الله عزيز حكيم» كتب «إن الله عليم حكيم» فيقول له رسول الله (صلى الله عليه وآله): دعها فان الله عليم حكيم وكان ابن أبي سرح يقول للمنافقين. إني لأقول من نفسي مثل ما يجيء به فما يغير علي فأنزل الله تبارك وتعالى فيه الذي أنزل.
* الشرح:
قوله: (قال: نزلت في ابن أبي سرح) اسمه عبد الله بن سعد بن أبي سرح الأموي الذي كان عثمان استعمله على مصر لقرابته مع أنه كان في عهد الشيخين مطرودا (وهو ممن كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم فتح مكة هدر دمه) هدر من باب ضرب ونصر هدرا بالتسكين والتحريك لازم ومتعد (وكان يكتب القرآن) عند نزوله لرسول الله (صلى الله عليه وآله) (فإذا أنزل الله عز وجل أن الله عزيز حكيم، كتب: الله عليم حكيم، فيقول له رسول الله (صلى الله عليه وآله): دعها) أي أسقطها واتركها (فإن الله عليم حكيم) في الواقع ولكن المنزل أن الله عزيز حكيم فاكتب ما نزل، وقيل معناه دعها بحالها فإنها سترجع إلى ما نزل بأمر الله تعالى وأيده بأنه ذكر بعض المفسرون أنه قد يتغير من الغيب بقدرة الله تعالى لفظ عليم بلفظ عزيز بدون أن يكتبه كاتب. أقول آخر هذا الحديث أيضا يؤيده والله يعلم، قال القاضي: كان عبد الله بن سعد بن أبي سرح يكتب لرسول الله (صلى الله عليه وآله) ولما نزلت «ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين» فلما بلغ قوله تعالى «ثم أنشأناه خلقا آخر» قال عبد الله: تبارك الله