وغيرها من الأشياء التي يجيء ذكرها بعد ذلك فأبطل الشرع حكمها وبين أنها ليس لها تأثير في جلب نفع أو دفع ضرر، وفي عدمهما وقد ذكرنا سابقا ما يناسب هذا المقام فلا يعيده.
(ولا هامة) قال في النهاية: الهامة: الرأس واسم طائر وهو المراد في الحديث وذلك أنهم كانوا يتشأمون بها وهي من طير الليل، وقيل: هي البومة، وقيل: إن العرب كانت تزعم أن روح القتيل الذي لا يدرك بثأره تصير هامة فتقول إسقوني إسقوني فذا أرادك بثاره طارت وقيل كانوا يزعمون أن عظام الميت وقيل روحه تصير هامة فتطير ويسمونه الصدى فنفاه الإسلام ونهاهم عنه انتهى.
وقال المازري: المشهور في «لا هامة» تخفيف الميم وقيل بالتشديد واختلف في تأويلها ثم ذكر الأقوال التي ذكرها صاحب النهاية وزاد في البومة فقال: وهي الطائر المعروف وكانوا يرون أنها إذا سقطت على دار أحد يراها ناعية لنفسه أو لبعض أهله (ولا شوم) كانوا يعتقدون أن هذه الدار شوم يعني يكون سكناها سببا للضرر والهلاك والإصابة بمكروه إذا شاهدوا ذلك مرارا وان هذا الرجل والمرأة والغلام والفرس شوم لعدم الفوز بالمطالب أو وجدان الضرر عند رؤيتهم أو لغير ذلك فنفاه (عليه السلام) لأنه أمر وهمي لا تأثير له في نفس الأمر ولو فرض تأثير ما فإنما هو مستند إلى التوهم ولو أرادوا بشوم الدار: ضيقها أو سوء جوارها أو غير ذلك من الأمور التي توجب نقصان الميل إليها، وبشوم الفرس: نقص كماله، وبشوم الغلام والمراة: عدم موافقتهما إلى غير ذلك من الأمور المنفرة للطبع فذلك أمر آخر أذن الشارع لمن كره شيئا منها أن يتركوا ويستبدل منه ما تطيب به نفسه في بيع الدار والفرس والغلام ويطلق المرأة.
فإن قلت: الفاختة شوم كما قال الصادق (عليه السلام) لابنه إسماعيل حين رآها في بيته «هذا الطير المشوم أخرجوه فإنه يقول فقدتكم فافقدوه قبل أن يفقدكم» فكيف يصح نفي الشوم على الإطلاق؟ قلت شوم الفاختة لأمر محقق وهو الدعاء على صاحب البيت بالهلاك والمقصود نفي الشوم المستند إلى مجرد التوهم وسوء الظن (ولا صفر) قال ابن الأثير: كانت العرب تزعم أن في البطن حية يقال لها الصفر تصيب الإنسان إذا حاع وتؤذيه وإنها تعدي فأبطل الإسلام ذلك، وقيل: أراد به النسيء الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية وهو تأخير المحرم إلى صفر ويجعلونه هو الشهر الحرام فأبطله انتهى، وقال عياض: فيه قولان، قال مالك وأبو عبيدة: هو تأخير المحرم إلى صفر وهو النسيء الذي كانوا يحرمونه عاما ويحلونه عاما، وقال جماعة: الصفر: هو دواب البطن كانوا يعتقدون أنها كانت تهيج عند الجوع وربما قتلت وتراها العرب أعدى من الجرب وقيل: إنهم كانوا يشأمون بدخول صفر لكثرة الدواهي والفتن فيه، انتهى، وقال المازري: الصفر: دواب البطن بالدال المهملة والباء الموحدة المشددة وقيل: بالذال المعجمة والتاء المثناة من فوق وله وجه انتهى (ولا رضاع بعد فصال) فلو حصل عدد الرضاع كله أو بعضه بعد الحولين لم ينشر الحرمة ونقل الشهيد الإجماع عليه وخلاف ابن الجنيد لا