يقدح لتأخره عنه وللنص.
(ولا تعرب بعد هجرة) الهجرة تطلق على معان:
الأول: الإنتقال من البدو والقرى وغيرها من المساكن إلى المدينة لنصرة النبي (صلى الله عليه وآله) وهي تنقسم إلى قسمين: الأول: إنشاؤها، قيل: الفتح ولا خلاف في وجوبها وتحريم التعرب بعدها وقبل الفتح عند الخاصة والعامة قال الصادق (عليه السلام): «التعريب بعد الهجرة من الكبائر» وقال ابن الأثير: التعرب هو أن يعود إلى البادية ويقيم مع الأعراب بعد أن كان مهاجرا، وكان من رجع بعد الهجرة إلى موضعه من غير عذر يعدونه كالمرتد، وقال: أجمع القوم على حرمة ترك المهاجرة بالرجوع إلى وطنه والخروج إلى البادية محل الأعراب، وأما تعربه بعد الفتح فالظاهر أنه أيضا حرام للاستصحاب والظاهر ما نقلناه عن الصادق (عليه السلام) ويحتمل عدمه لكثرة الناصر وقوة الدين بعد الفتح احتمالا بعيدا والعامة قد اختلفوا في تحريمه بعده، قال الآبي: المجمع على حرمته من التعرب ما كان في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) وقبل الفتح وأما بعده فقيل: يسقط فرض المقام بالمدينة.
وثانيهما: إنشاؤها بعد الفتح في حياة النبي (صلى الله عليه وآله) ووجوب الهجرة حينئذ وتحريم التعرب بعدها ما احتمل لتحقق النصرة وعدم وجوبها وعدم تحريمها أيضا محتمل لكثرة الناصر ولم يحضرني الآن قول من علمائنا وحديث من رواياتنا في ذلك واختلفت العامة فيه.
قال القرطبي: الهجرة بعد الفتح، قيل: إنها واجبة وقيل: إنها مندوبة، أقول: يدل على الثاني ما رواه مسلم عنه (صلى الله عليه وآله) قال «لا هجرة بعد الفتح» إذ الظاهر أن معناه لا إنشاء هجرة بعده ويبقي النظر في إدامتها على ما مر، الثاني الانتقال من دار الكفر إلى دار الإسلام قال الشهيد الثاني: هذا الحكم باق إلى اليوم إذ لم تنقطع الهجرة بعد الفتح عندنا، أقول قوله «عندنا» يشعر بانقطاع الهجرة بهذا المعنى عند العامة وليس كذلك فإن المازري قال: قال العلماء: إن الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام واجبة إلى قيام الساعة وعلى هذا فلا يجوز لمسلم الدخول بلد الكفر إلا لضرورة في الدين كالدخول لفداء المسلم وقد أبطل مالك شهادة من دخل دار الحرب للتجارة هذا كلامه، الثالث:
الانتقال من البدو والقرى إلى الأمصار لتحصيل العلوم وكمالات النفس فإن الغالب من أهل القرى والبدو الجفاء والغلظة والبعد عن العلوم لكن تحريم التعرب بعد الهجرة وتكميل النفس محل الكلام.
(ولا صمت يوما إلى الليل)، صوم الصمت: هو أن ينوى الصوم ساكتا، إلى الليل، وهو محرم في شرعنا وأن كان ترك الكلام في جميع النهار غير محرم مع عدم ضمه إلى الصوم في النية.
* الأصل:
235 - علي بن إبراهيم، عن أبيه، عن عبد الله بن المغيرة، عن عمرو بن حريث قال: قال أبو