شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ١٢ - الصفحة ٢٥٩
الداء.
ومثله رواه مسلم عن النبي (صلى الله عليه وآله) قال «لا عدوى ولا صفر ولا هامة» فقال أعرابي: يا رسول الله فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها الظباء فيجيء البعير الأجرب فيدخل فيها فيجر بها كلها؟ «قال: فمن أعدى الأول» قال صاحب إكمال الاكمال في شرحه: انقدح في نفس الأعرابي شبهة العدوي والسراية يعني اعتقد أن الإبل تجرب أن دخلها البعير الجرب فأزالها (عليه السلام) بقوله «فمن أعدى الأول» يعني أن جربت الإبل لهذا الداخل فالداخل أن جرب لأنه عدي عليه جرب بعير آخر تسلسل لا إلى نهاية والتسلسل باطل وإن كان لأن الله أجر به فكذلك تلك الإبل وهذا النوع من الاستدلال الذي أشار إليه (عليه السلام) هو عمدة المتكلمين في الرد على القائلين بالقدم حيث قالوا: الحوادث لا أول لها لان كل ولد مسبوق بوالد وكل زرع مسبوق ببذر وحركة الفلك اليوم مسبوقة بحركته أمس وهكذا إلى ما لا نهاية له، ورد عليهم المتكلمون بأنه يؤدي إلى التسلسل، كما أشار إليه في الحديث.
وهم أجابوا عن ذلك بأن التسلسل المحال إنما هو فيما بين آحاد ترتب طبيعي كالعلل والمعلولات فعندهم أن معلولا عن علة لا إلى نهاية محال وأما التسلسل في الأمثلة المذكورة فليس بمحال وقام البرهان عند أهل الحق أنه لا فرق في استحالته بين الأمرين ولا يمكن أن يحتج بعدم الفرق بحديث فمن أعدى لأنه من باب العلة والمعلول الذي يوافقونا في استحالته لأن الأعرابي جعل جرب الإبل معلولا لجرب الداخل وانما قال: فمن أعدى دون ما أعدى وهو الظاهر ليجاب بقول الله وذكر أعدى للمشابهة والازدواج كما في قوله كما تدين تدان انتهى، وقال الطيبي العدوي تجاوز العلة عن صاحبها إلى غيره يقال: عدي فلانا في علته، والأطباء يجعلون ذلك في سبع علل في الجذام والجرب والجدري والحصبة والبخر والرمد والأمراض الوبائية واختلف في قوله (عليه السلام) «لا عدوى» فحمله الأكثر على أن المراد به إبطاله في نفسي كما هو الظاهر، وقيل: ليس المراد به إبطاله، وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): «فر من المجذوم فرارك من الأسد» وإنما المراد به نفي ما يعتقدونه من أن تلك العلل المعدية مؤثرة بنفسها مستقلة في التأثير فأعلمهم أن الأمر ليس كذلك وإنما هو بمشيئة الله تعالى وفعله وبين بقوله «فر من المجذوم فرارك من الأسد» أن مداواة ذي العلة أحد أسباب العلة فليتق كما يتقي الجدار المائل وقد يرجح هذا القول من حيث أنه يقع به الجمع بين الأحاديث.
وأجاب الأولون عن حديث الفرار: بأنه أمر بالفرار من المجذوم خوف أن تقع العلة فيعتقد أن العدوي حق، ثم قال له رسول الله (صلى الله عليه وآله): «لا عدوى» في النهاية العدوي: اسم من الأعداء كالرعوى والبقوى من الإرعاء والإبقاء (ولا طيره) تطيرت من الشيء وبالشيء تشأمت والاسم منه الطيرة مثل الغيبة وهو ما يتشأم به من الفال الردي كذا في الصحاح، وقيل الطيرة بكسر الطاء وفتح الياء:
مصدر وقد تسكن الياء والناس كانوا يتشأمون ويتطيرون في السوانح من الطير والذئب والظباء
(٢٥٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 254 255 256 257 258 259 260 261 262 263 264 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 حديث الرياح 3
2 حديث أهل الشام 9
3 حديث الجنان والنوق 17
4 حديث أبي بصير مع المرأة 27
5 [في حب الأئمة] 39
6 حديث آدم (عليه السلام) مع الشجرة 52
7 حديث نصراني الشام مع الباقر (عليه السلام) 71
8 حديث أبي الحسن موسى (عليه السلام) 73
9 حديث نادر 83
10 «حديث رسول الله (صلى الله عليه وآله)» 91
11 حديث عيسى ابن مريم (عليهما السلام) 96
12 حديث إبليس 139
13 حديث محاسبة النفس 141
14 حديث من ولد في الاسلام 155
15 حديث زينب العطارة 167
16 حديث الذي أضاف رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالطائف 171
17 حديث الناس يوم القيامة 180
18 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 204
19 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 215
20 حديث قوم صالح (عليه السلام) 243
21 حديث الصيحة 279
22 حديث يأجوج ومأجوج 293
23 حديث القباب 311
24 حديث نوح (عليه السلام) يوم القيامة 372
25 حديث أبي ذر رضى الله عنه 417
26 حديث الفقهاء والعلماء 433
27 حديث الذي أحياه عيسى (عليه السلام) 479
28 حديث إسلام علي (عليه السلام) 481
29 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 501
30 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 517
31 حديث العابد 555
32 خطبة لأمير المؤمنين (عليه السلام) 557