مال النبي (صلى الله عليه وآله) والولي زكاة لانتفاء الفقر المحوج إلى أخذ الزكاة من مالهما ولذلك أيضا لم تجب الزكاة في جميع أموال الناس، وقد مر في باب أن الأرض كلها للإمام وجه آخر لعدم وجوب الزكاة في مال الإمام وهو أن الإمام لا يبيت بليلة أبدا أو لله في عنقه حق يسأله عنه، ومر شرحه أيضا، ويحتمل أن يكون هذا القول ردا على بعض العامة حيث ذهب إلى أن للنبي خمس الخمس وأن أربعة أخماسه حق للأربعة الأصناف المذكورة في قوله تعالى: (واعلموا أنما غنمتم من شيء) الآية، لكل صنف ربع، وهو قول جماعة منهم الشافعية وأما مالك فخمس الغنيمة عنده الفيء والفيء عنده لا يخمس والنظر فيه لإمام المسلمين يصرفه في مصالحهم باجتهاده.
قوله (وجعل للفقراء قرابة الرسول) المراد بهم اليتامى والمساكين وأبناء السبيل من آل محمد (صلى الله عليه وآله) الذين لا يحل لهم الزكاة فعوضهم الله تعالى بالخمس ولهم نصف ثلاثة أسهم والنصف الآخر للإمام (عليه السلام) وفيه دلالة على اعتبار الفقر في اليتامى وأبناء السبيل كما في المساكين والظاهر أنه لا خلاف في اعتبار فقر ابن السبيل في بلد التسليم، وأما في اليتامى ففي فقرهم خلاف وتحقيقه في كتب الفروع.
قوله (ولكن عليهم أشياء تنوبهم) استدراك مما سبق ودفع لتوهم ما نشأ منه من أنه لا يجب شيء عليهم وإشارة إلى أنه تعالى جعل لهم أموالا وأنفالا وخمسا، ولهم الفضل من مؤونة سنة الناس وعليهم الإتمام مع الإعواز لا على وجه الزكاة بل على وجه العيلولة، ولا ينافي ذلك ما مر من أن ما جعله الله تعالى للناس يكفيهم لأن هذا أيضا مما جعله الله لهم.
* الأصل:
5 - علي بن محمد بن عبد الله، عن بعض أصحابنا - أظنه السياري - عن علي بن أسباط قال: لما ورد أبو الحسن موسى (عليه السلام) على المعدى رآه يرد المظالم فقال: يا أمير المؤمنين ما بال مظلمتنا لا ترد؟ فقال له: وما ذاك يا أبا الحسن؟ قال: إن الله تبارك وتعالى لما فتح على نبيه (صلى الله عليه وآله) فدك وما والاها، لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب فأنزل الله على نبيه (صلى الله عليه وآله): (وآت ذا القربى حقه) فلم يدر رسول الله (صلى الله عليه وآله) من هم؟ فراجع في ذلك جبرئيل وراجع جبرئيل (عليه السلام) ربه فأوحى الله إليه: أن ادفع فدك إلى فاطمة (عليها السلام)، فدعاها رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال لها: يا فاطمة إن الله أمرني أن أدفع إليك فدك، فقالت: قد قبلت يا رسول الله من الله ومنك، فلم يزل وكلاؤها فيها حياة رسول الله (صلى الله عليه وآله) فلما ولي أبو بكر أخرج عنها وكلاءها، فأتته فسألته أن يردها عليها، فقال لها: ايتيني بأسود أو أحمر يشهد لك بذلك، فجاءت بأمير المؤمنين (عليه السلام) وام أيمن فشهدا لها. فكتب لها بترك التعرض، فخرجت والكتاب معها فلقيها عمر فقال: ما هذا معك يا بنت محمد؟ قالت كتاب كتبه لي ابن أبي قحافة،