باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه * الأصل:
إن الله تبارك وتعالى جعل الدنيا كلها بأسرها لخليفته حيث يقول للملائكة (إني جاعل في الأرض خليفة) فكانت الدنيا بأسرها لآدم وصارت بعده لأبرار ولده وخلفائه، فما غلب عليه أعداؤهم ثم رجع إليهم بحرب أو غلبة سمي فيئا (1) هو أن يفىء إليهم بغلبة وحرب وكان حكمه فيه ما قال الله تعالى: (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول ولذي القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل) فهو لله وللرسول ولقرابة الرسول فهذا هو الفيء الراجع وإنما يكون الراجع ما كان في يد غيرهم فاخذ منهم بالسيف، وأما ما رجع إليهم من غير أن يوجف عليه بخيل ولا ركاب فهو الأنفال هو لله وللرسول خاصة، ليس لأحد فيه الشركة وإنما جعل الشركة في شيء قوتل عليه، فجعل لمن قاتل من الغنائم أربعة أسهم وللرسول سهم والذي للرسول (صلى الله عليه وآله) يقسمه ستة أسهم ثلاثة له وثلاثة لليتامى والمساكين وابن السبيل، وأما الأنفال فليس هذه سبيلها كانت للرسول (صلى الله عليه وآله) خاصة وكان فدك لرسول الله (صلى الله عليه وآله) خاصة، لأنه فتحها وأمير المؤمنين (عليه السلام)، لم يكن معهما أحد فزال عنها اسم الفىء ولزمها اسم الأنفال وكذلك الآجام والمعادن والبحار والمفاوز هي للإمام خاصة. فان عمل فيها قوم بإذن الإمام فلهم أربعة أخماس وللإمام خمس والذي للإمام يجري مجرى الخمس ومن عمل فيها بغير إذن الإمام فالإمام يأخذه كله، ليس لأحد فيه شيء وكذلك من عمر شيئا أو أجرى قناة أو عمل في أرض خراب بغير إذن صاحب الأرض فليس له ذلك فإن شاء أخذها منه كلها وإن شاء تركها في يده.
* الشرح:
قوله (إن الله تعالى جعل الدنيا - إلى قوله -: لآدم) يعني كانت الدنيا بأسرها لخليفته وآدم خليفته فكانت الدنيا بأسرها لآدم وقوله: حيث تعليل إما للكبرى المطوية وهو ظاهر أو للصغرى المذكورة. ووجه الدلالة أن قوله: (إني جاعل في الأرض خليفة) مع ملاحظة الظرف وملاحظة العرف واستعمال الحدس تفيد أن الأرض كلها للخليفة وهو متصرف فيها كما في قولنا فلان نايب