باب سيرة الإمام في نفسه وفي المطعم والملبس إذا ولي الأمر * الأصل:
1 - محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن ابن محبوب، عن حماد، عن حميد وجابر العبدي قال: قال أمير المؤمنين (عليه السلام): إن الله جعلني إماما لخلقه، ففرض علي التقدير في نفسي ومطعمي ومشربي وملبسي كضعفاء الناس، كي يقتدي الفقير بفقري ولا يطغي الغني غناه.
* الشرح:
قوله (ففرض على التقدير في نفسي ومطعمي ومشربي وملبسي) قدر الشيء: مبلغه، وتقديره وتعيينه، والتقدير أيضا: التقتير، ومنه قوله تعالى (ومن قدر عليه رزقه) وإنما قال «في نفسي» للإشارة إلى أنه لم يفرض ذلك على غيره من الرعية والمشرب الوجه الذي يشرب منه ويكون موضعا ويكون مصدرا والأخير أظهر هنا وقس عليه جاريه.
قوله (كي يقتدي الفقير بفقري ولا يطغي الغني غناه) يقال أطغاه الغنى أي جعله طاغيا متمردا وفيه إشارة إلى فائدة الفرض المذكور لأن الفقير إذا نظر إليه (عليه السلام) وإلى سيرته وطريقته مع علمه بأنه أشرف المخلوقات وأقرب من الله جل وعز، رضي بفقره ولا يطمع في الدنيا وما فيها ولا يحزن على فواتها، والغني إذا نظر إليه (عليه السلام) علم أنه لا عبرة بالغنى في الدنيا ويورثه ذلك ذلا وانكسارا يخرجه من منزل الطغيان ويمنعه عن ارتكاب العصيان ويزجره عن التكبر والتفوق على الإخوان.
* الأصل:
2 - علي بن إبراهيم، عن ابن أبي عمير، عن حماد بن عثمان، عن المعلى بن خنيس قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام) يوما: جلعت فداك ذكرت آل فلان وما هم فيه من النعيم فقلت: لو كان هذا إليكم لعشنا معكم، فقال: هيهات يا معلى أما والله أن لو كان ذاك ما كان إلا سياسة الليل وسياحة النهار ولبس الخشن وأكل الجشب، فزوي ذلك عنا، فهل رأيت ظلامة قط صيرها الله تعالى نعمة هذه.
* الشرح:
قوله (لعشنا معكم) أي لو كان هذا الأمر مفوضا إليكم لعشنا معكم لكثرة النعمة وحصول أسباب العيش فقال (عليه السلام): هيهات هيهات، يعني بعد بعد ما توهمت يا معلى من توسعنا في المعيشة وأخذنا في الانتفاع بزهرات الدينا لو كان ذلك الأمر إلينا وأتى به مكررا للتأكيد، ثم أكد مضمون ذلك بقوله: «أما والله لو كان ذلك ما كان حالنا إلا سياسة الليل وسياحة النهار ولبس الخشن وأكل