شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٧ - الصفحة ٣
باب أن حديثهم صعب مستصعب بسم الله الرحمن الرحيم باب فيما جاء أن حديثهم صعب مستصعب * الأصل:
1 - محمد بن يحيى، عن محمد بن الحسين، عن محمد بن سنان، عن عمار بن مروان، عن جابر قال: قال: أبو جعفر (عليه السلام): قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن حديث آل محمد صعب مستصعب لا يؤمن به إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان. فما ورد عليكم من حديث آل محمد (صلى الله عليه وآله) فلانت له قلوبكم وعرفتموه فاقبلوه وما اشمأزت منه قلوبكم وأنكرتموه فردوه إلى الله وإلى الرسول وإلى العالم من آل محمد، وإنما الهالك أن يحدث أحدكم بشيء منه لا يحتمله، فيقول: والله ما كان هذا، والله ما كان هذا، والإنكار هو الكفر.
* الشرح:
قوله (إن حديث آل محمد صعب مستصعب (1)) لعل المراد أن حديثهم وحديث ما هم عليه

1 - قوله «صعب مستصعب» مفاد هذا الباب نهي العوام عن التعرض لما لا يفهمون ولا يستعدون لإدراكه ونهي الخواص عن إلقائه على العوام كما قال موسى بن جعفر (عليهما السلام) ليونس «ارفق بهم فإن كلامك يدق عليهم» وقد نهى الحكماء عن مثل ذلك. قال ابن سينا في أول الإشارات: وأنا أعيد وصيتي وأكرر التماسي أن يضن بما يشتمل عليه هذه الأجزاء كل الضن على من لا يوجد فيه ما اشترطه في آخر هذه الإشارات وقال في آخر الإشارات: فضنه عن الجاهلين والمبتذلين ومن لم يرزق الفطنة الوقادة والدربة والعادة وكان صغاه مع الغاغة، أو كان من ملحدة هؤلاء المتفلسفة، انتهى.
وسر ذلك أنه ما من مسألة من المسائل العقلية والأصولية إلا وللوهم فيها معارضة ومكافحة يجب التمرن لدفع وسوسته حتى يؤمن العقل من إبداء الأدلة ويخضع النفس له ولا بد أن يكون الناظر في الأدلة متمرنا في تفكيك مدركات الوهم عن مدركات العقل ويرتاض حتى يعتاد ولا يحصل ذلك بسهولة لكل أحد، وهذا معنى قوله (عليه السلام) «امتحن الله قلبه للإيمان» والمثال المعروف أن العقل يركب قياسا من مقدمات بينه يوافقه الوهم فيقول: الميت جماد والجماد لا يخاف منه، فينتج: الميت لا يخاف منه، فيعترف العقل بهذه النتيجة ولا يعترف الوهم، وكذلك الإيمان بالله يعارضه الوهم بأن كل موجود محسوس، والله تعالى ليس بمحسوس فهو - نعوذ بالله - ليس بموجود، والإيمان بالوحي والنبوة يعارضه الوهم بأن ليس للإنسان قوة إدراكية غير هذه الحواس الظاهرة والباطنة فكيف يدرك النبي أو الولي الوقايع الماضية والآتية والأمور الحالية الحادثة في الأماكن البعيدة مع وجود الحائل؟ وكيف يسمع الصوت من عالم آخر لا يسمعه غيره؟
ويرى الملك والموجودات الغيبية وليس لأحد قوة مدركة لذلك وكذلك كل شيء معارض بشبهة ولا يتخلص عنها إلا من ارتاض وتمرن وساوس الأوهام من مدركات العقول والوهم متقيد بالعادات وانحاصر الحقيقة في حدود خاصة استأنسها فإذا فاجأها غير المأنوس أنكر واستوحش منه وعد قائله سفيها أو نسبه إلى الضلال والكفر اعني بكل ما يراه شر العقائد ومن نشأ زمنا طويلا من عمره على تعظيم الخلفاء يستوحش إذا سمع لعنهم قهرا لعادته لا لدليل دل عقله وينسب اللاعن إلى أشد ما يراه من العقائد. (ش)
(٣)
الذهاب إلى صفحة: «« « 1 2 3 4 5 6 7 8 9 10 11 ... » »»
الفهرست