شرح أصول الكافي - مولي محمد صالح المازندراني - ج ٧ - الصفحة ٣٩٩
الخمس إن وقع القتال باذن الإمام وإلا فهو له، وأما الأرض المفتوحة عنوة وغيرها مما كان في بلادهم فهي للمسلمين كافة.
قوله (وليس للأعراب من القسمة شيء) نعم قد يرضخ لهم قبل القسمة، والأعراب من أهل البادية، وقال بعض العلماء هم من أظهر الإسلام ولم يصفه يعني لم يعرف معناه بحيث يعبر عنه بنعوته المعنوية وإنما أظهر الشهادتين فقط وليس لهم علم بمقاصد الإسلام ثم هذا وهو أنه لا قسمة لهم في الغنيمة هو المشهور بين الأصحاب وعليه وفتوى الأكثر (1) وقال ابن إدريس يسهم لهم كغيرهم للآية ولم يثبت التخصيص وأجاب صاحب الإيضاح بأنه إن ثبت فعله (صلى الله عليه وآله) فهو مخصص لعموم الكتاب.
قوله (على أنه إن دهم رسول الله عن عدوه دهم) الدهم بالفتح العدد الكثير والكثرة والأمر العظيم والغائلة يقال: دهمه من عدوه بكسر الهاء وفتحها دهم أي فجأه وورد عليه عدد كثير أو أمر عظيم أو غائلة.
قوله (والأرضون التي أخذت عنوة - الخ) العنوة بفتح العين ما أخذت قهرا بالسيف من الأرضين والموات منها في حال القتال للامام (عليه السلام) والمحياة منها فيىء للمسلمين قاطبة والنظر فيها الإمام ولا يجوز فيها البيع والوقف والهبة ولا يملكها المتصرف على الخصوص في حال حضوره، وأما في حال غيبته فينفذ جميع ذلك (2) كما صرح به الشهيد في الدروس وصرح به عيره

١ - قوله «وعليه فتوى الأكثر» هذا غير محقق عندي وأشرنا إليه في حاشية الوافي الجزء السادس في الصفحة ٤٠ والظاهر أن مراد من أفتى به أفتى بثبوت هذا الحكم في الجملة في عصر النبي (صلى الله عليه وآله) لا أن هذا حكم البدويين مطلقا وإن كانوا مؤمنين حضروا الواقعة واشتركوا في الجهاد بل لو كان النبي (صلى الله عليه وآله) إذن لهم الحضور والجهاد في عصره كان لهم مثل ما لغيرهم. (ش) ٢ - قوله «فينفذ جميع ذلك» ههنا شبهة لغير المحصلين من نقلة الفتاوى صارت سببا لضلال طائفة من عوام الناس ومتمسكا لقوم آخرين ومنشؤها ما سمعوه من حكم الأراضي المفتوحة عنوة لزمنا التعرض لها ودفعها قضاء لواجب التكليف كما روى: «إذا ظهر في العالم البدع فعلى العالم أن يظهر علمه وإلا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين» فحذرا من لعنهم نشير إلى ما هو الحق في هذه المسألة إجمالا وبيناه تفصيلا في حواشي الوافي في الجزء الحادي عشر من الصفحة ٣٦ إلى ٥٢ وأما هؤلاء الجهلة فمبناهم على إنكار الملك الخاص لأفراد الناس وقالوا: لا ملك إلا لعامتهم ولا يحل للآحاد التصرف في الأموال إذ لاحق لهم فيها وإنما ذلك حق الوالي نيابة عن العامة ولما سمعوا أن أراضي المسلمين مفتوحة عنوة غير أرض المدينة والبحرين قالوا: هي لعامة المسلمين وليس لأحد مالكية أي قطعة من الأرض بأي اسم وعنوان والمراد بالبحرين سواحل بحر عمان الشمالية من جزيرة العرب فنقول دفعا لجهلهم: إن الملك الخاص ثابت للناس في الأراضي المفتوحة عنوة بجميع أحكام الملك بحيث يجوز لهم البيع والهبة والوقف وسائر المعاملات ويحرم غصبها وانتزاعها، ويرثها الورثة من مورثهم إلى غير ذلك ولم يرد أحكام الفقه لأرض البحرين والمدينة فقط وليس معنى ملك عامة المسلمين للمفتوحة عنوة ما فهموه من نفى الملك الخاص للأفراد وإنما المعنى كون ملك العامة في طول ملك الأفراد نظير ما يقال: إن أراضي الشام كانت للروم، وأراضي الحيرة للعجم، وأرض الهند لفلان وأراضي مصر لفلان مع أن كل قطعة من القطعات كان ملكا لرجل خاص وهذا اصطلاح معهود بين الناس من أقدم الأزمنة إلى عصرنا هذا، بل قد يكون في قرية واحدة هي ملك لرجل معين دور وأراضي وبساتين لساكني القرية ملكهم في طول ملكه فيكون لصاحب القرية أن يطلب اجرة من أصحاب الدور والبساتين وكذلك لسلطان البلاد أن يطلب خراجا أو مقاسمة بعنوان المالكية العامة، من كل واحد من الملاك الخاصة والملك أنواع تختلف بدليل اختلاف أحكامها فملك الإمام للأنفال يرثه الإمام بعده لا جميع أولاده وملك العامة للطرق النافذة نوع وملك أصحاب الدروب للطرق المنسدة نوع وملك المسلمين للمفتوحة عنوة نوع لا يحل لهم البيع ولا الإرث ويشترك معهم من أسلم بعد الفتح وأما الأفراد المتصرفون في الأراضي فإن لهم حقا خاصا بتصرفهم المجاز يبيعون به الأرض ويهبون ويرثون ويقفون أملاكهم الزراعية على المساجد والفقراء وغيرها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها ويبنون المساجد ولا يبطل مسجديته بخراب المسجد أو القرية، وقال ابن إدريس: إنا نبيع ونقف تصرفنا فيها وتحجيرنا، فانظر إلى قوله: نقف تصرفنا ولا يصح الوقف إلا دائما فالتصرف حق دائم ولا يسلب حقهم في تلك الأراضي بانتزاعها قهرا غصبا ولا بزوال الآثار كالبناء والأشجار بل حق التصرف لهم ملك باق لا يزول عنهم إلا بالبيع وأمثاله، وبالجملة هذا الذي عليه المسلمون من صدر الإسلام إلى زماننا من المعاملة مع تلك الأراضي معاملة الأملاك الخاصة واستحقاق الحكومة خراجا بحسب المواضعات أو بالصلح هو الذي كان يراد من ملك العامة الأراضي المفتوحة عنوة بخلاف غير المفتوحة إذ لا يجوز للإمام طلب الخراج منها، نعم لبعض علمائنا قول بأن من زالت آثار مالكيته لأرض وتركها عشر سنين كان للإمام أن ينزعها منه ويفوضها إلى غيره يعمرها وهذا حكم خاص نظير حكم المحتكر لا ينافي ما ذكرنا بل يؤيده إذ يثبث به حق اختصاص للمالك بعد زوال آثاره إلى عشر سنين ولو كان الأمر كما توهمه الملاحدة وأتباعهم الجهلة لزال الملك بمجرد زوال الآثار بل كان للولاة أن يخرجوا البناء ويقلعوا الأشجار فينقطع حق أصحابها قهرا وان عصى مزيل الآثار بفعله وضمن لهم وكذلك كان لهم انتزاع الأراضي المزروعة بعد الحصاد من ملاكها، ولم يكن معنى لوقفها وإرثها فتأمل فيما ذكرنا واستعذ بالله من الوسواس الخناس الذي يوسوس في صدور الناس من الجنة والناس ولا حول ولا قوة إلا بالله. (ش)
(٣٩٩)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 394 395 396 397 398 399 400 401 402 403 404 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 باب فيما جاء أن حديثهم صعب مستصعب 3
2 باب ما أمر النبي (صلى الله عليه وآله) بالنصيحة لأئمة المسلمين واللزوم لجماعتهم ومن هم؟ 14
3 باب ما يجب من حق الإمام على الرعية وحق الرعية على الإمام 22
4 باب أن الأرض كلها للامام (عليه السلام) 34
5 باب سيرة الإمام في نفسه وفي المطعم والملبس إذا ولي الأمر 43
6 باب فيه نكت ونتف من التنزيل في الولاية 51
7 باب فيه نتف وجوامع من الرواية في الولاية 128
8 باب في معرفتهم أولياءهم والتفويض إليهم 137
9 باب النهي عن الإشراف على قبر النبي (صلى الله عليه وآله) 194
10 باب مولد أمير المؤمنين صلوات الله عليه 196
11 باب مولد الزهراء فاطمة (عليها السلام) 213
12 باب مولد الحسن بن علي صلوات الله عليهما 226
13 باب مولد الحسين بن علي (عليهما السلام) 231
14 باب مولد علي بن الحسين (عليهما السلام) 236
15 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي عليهما السلام 240
16 باب مولد أبي عبد الله جعفر بن محمد عليهما السلام 245
17 باب مولد أبي الحسن موسى بن جعفر عليهما السلام 252
18 باب مولد أبي الحسن الرضا عليه السلام 273
19 باب مولد أبي جعفر محمد بن علي الثاني عليهما السلام 284
20 باب مولد أبي الحسن علي بن محمد عليهما السلام 296
21 باب مولد أبي محمد الحسن بن علي عليهما السلام 312
22 باب مولد الصاحب (عليه السلام) 335
23 باب ما جاء في الاثني عشر والنص عليهم (عليهم السلام) 357
24 باب في ذا قيل في الرجل شيء فلم يكن فيه وكان في ولده أو ولد ولده فهو الذي قيل 383
25 باب أن الأئمة كلهم قائمون بأمر الله تعالى هادون إليه (عليهم السلام) 384
26 باب صلة الإمام (عليه السلام) 386
27 باب الفيء والأنفال وتفسير الخمس وحدوده وما يجب فيه 389
28 فهرس الآيات 417