قوله (وأشدهم يقينا) الظاهر أنه مكرر من الناسخ الأول مع إمكان أن يراد بالقين هاهنا اليقين بالاحكام بقرينة اقترانه بالعمل وفي السابق اليقين بالله وبرسوله بقرينة اقترانه بالإيمان والله أعلم.
قوله (وأحسنهم عملا) حسن العمل باعتبار اشتماله على ماله مدخل في كماله من الأجزاء والمقارنات والشرائط مع اتصاف فاعله بقصد التقرب وكمال التوجه إلى المعبود الحق والاستغراق في مشاهدة جلاله وكماله وكل ذلك كان له (عليه السلام) على الوجه الأتم والأكمل بحيث لم يشاركه أحد من الصحابة.
قوله (وأعرفهم بالأمور) اعترف به جميع الامة وقد مر مرارا أنه (عليه السلام) كان عالما بما كان وما يكون وما هو كائن إلى يوم القيامة، وما كان أحد من الصحابة بهذه الصفة اتفاقا.
قوله (كنت والله يعسوبا للدين) أي لأهله واليعسوب في الأصل أمير النحل والياء زائدة ثم اطلق على سيد القوم ورئيسهم المقدم عليهم في جميع الأمور لرجوعهم إليه واجتماعهم عليه كما يجتمع النحل على يعسوبها.
قوله (الأول حين تفرق الناس) أي الأول حين تفرق الناس في الدين ونفروا عنه والآخر حين فشلوا وعجزوا عن إدراك حقيقته وحقيقة ما هو مطلوب فيه. وفيه تنبيه على أن إمارته (عليه السلام) كانت ثابته في كلا الزمانين ولا يدفعها خلاف من خالفه لأنها كانت من الله ومن رسوله لا من الخلق حتى يثبتها توافقهم ويدفعها تخالفهم، ويمكن أن يكون كلا الزمانين بعد مضي النبي (صلى الله عليه وآله) وأن يكونا قبله وأن يكون الأول بعده والآخر قبله وبالعكس.
قوله (كنت للمؤمنين أبا رحيما إذ صاروا عليك عيالا) العيال بالكسر جمع عيل كجياد جمع جيد وعال عيالة أقاتهم وأنفق عليهم فعيال الرجل هو من جمعهم ليقيتهم وينظر في أمورهم ويصلح حالهم، والله سبحانه جعل الخلق عيال الإمام وجمعهم تحت عنايته ليصلح أحوالهم في معاشهم ومعادهم وجعله كالأب الرحيم لئلا يجور في رعاية حقوقهم. وتقديم الظرف في الموضعين لقصد الحصر، ففي الحصر الأول تنبيه على غلظته بالنسبة إلى الكافرين وفي الحصر الثاني إيماء إلى بطلان قول من زعم أنهم عيال على غيره (عليه السلام) من الفاسقين الذين انتحلوا اسم الإمامة والخلافة لأنفسهم.
قوله (فحملت أثقال ما عنه ضعفوا) لما ذكر نبذة من مناقبه المقتضية لكونه خليفة وذكر خلافها لهم مع التصريح بذلك حيث قال: «كنت خليفته» فرع عليه هذا القول ومعناه فحملت أثقال ما ضعفوا عنه لقلة علومهم وضعف قلوبهم من النواميس الإلهية والأسرار الربانية والشرائع النبوية وحفظت ما أضاعوا من الحدود والأحكام وغيرها ورعيت ما أهملوا من الآداب والأخلاق