والتكرار باعتبار تعدد صفاتهم أعني النفاق والكفر والحسد والفسق فإن كل من خالفه بنحو من الأنحاء فهو متصف بهذه الصفات.
قوله (فقمت بالأمر حين فشلوا) أي قمت بأمر الدين ومصالح الخلق حين جبنوا وضعفوا عنه كضعف الجاهل عن المسائل اليقينية والمصالح الدينية والاخروية.
قوله (ونطقت حين تتعتعوا) التعتعة في الكلام التردد فيه من حصر أو عجز عن فهم مؤداه وجهل عن درك مغزاه، ورجوعهم إليه في المسائل المعضلة والأمور المشكلة واستضاءتهم بنوره في الحدود والاحكام أمر مشهور بين الخواص والعوام وقد كان (عليه السلام) أمير الكلام كما كان أمير الأنام.
قوله (ومضيت بنور الله إذ وقفوا) أي سرت في سبيل الحق ومنهج الشرع بالهداية الربانية والعلوم اللدنية والإشراقات اللاهوتية، إذ وقفوا عن السلوك فيه لظلمة ضمائرهم وفقد بصائرهم.
قوله (فاتبعوك فهدوا) فيه إشارة إلى أن ما حصل لهم من الهداية لشيء من الحق إنما حصل لهم بسبب متابعته فيه ولولا ذلك لم يهتدوا إلى شيء أصلا، أو مدح للسالكين في قفاه والتابعين لهداه من الفرقة الناجية، والتفريع بالأول أقرب وفي كتاب كمال الدين «ولو اتبعوك لهدوا» وهو بالسياق أنسب.
قوله (وكنت أخفضهم صوتا) خفض الصوت كناية عن العلم والحلم واللينة والدعة والسكون والوقار كما إن رفع الصوت وغلظته كناية عن أضداد هذه الأمور.
قوله (وأعلاهم قنوتا) القنوت يرد لمعان متعددة كالطاعة والخشوع والصلاة والدعاء والعبادة والقيام وطول القيام والسكوت وقد فاق (عليه السلام) جميعهم في جميع ذلك.
قوله (وأقلهم كلاما) قلة الكلام وحفظ اللسان عما لا ينفع وصرفه عما لا يعني دليل على نبالة العقل وشرافة النفس وكمالها في القوة النظرية والعملية.
قوله (وأصوبهم نطقا) إذ نطقه كان صوابا وصدقا دائما بخلاف نطقهم فإنه كان خطأ وكذبا غالبا.
قوله (وأكبرهم رأيا) الرأي يطلق على العقل والمراد بكبره نجدته وشرافته وضياؤه وعلى التفكر في الأسرار الإلهية والنواميس الربانية والتأمل في عواقب الأمور وحوادث الدهور، وأما الرأي بمعنى القياس فليس بمراد هنا قطعا، وفي بعض النسخ «أكثرهم رأيا» بالثاء المثلثة والمراد بالرأي فيه هو المعنى الثاني.
قوله (وأشجعهم قلبا) شجاعة القلب عبارة عن قوته في المجاهدات على أنحائها والتجنب عن متمنيات النفس واغوائها وعن قدرته على ترتيب المعاني والحقائق وترصيف النكات والدقائق على وجه يتحير لكماله الفصحاء ويتعجب من جماله البلغاء.