ولهما أوصاف حسنة وقبيحة وتعلق الثواب والعقاب والنقص والكمال بأوصاف الصورة الباطنة أكثر وأشد من تعلقها بأوصاف الصورة الظاهرة ولهذا تضمنت الآيات والروايات في مدح حسن الخلق والسمت والهيئة الحسنة والقصد وقد كان (عليه السلام) في سيرته الباطنة وهيئته الظاهرة وأخلاقه الفاضلة وأفعاله الجميلة مشابها للنبي (صلى الله عليه وآله) على وجه الكمال ولا يشاركه في تلك أحد من الصحابة وغيرهم.
قوله (وأشرفهم منزلة وأكرمهم عليه) قد كانت منزلته أشرف وأرفع وهو عليه (صلى الله عليه وآله) أكرم وأعز لما فيه من جميع أنواع الخير والشرف والفضائل واستحقاق رئاسة الدنيا والدين.
قوله (فجزاك الله) دعاء له بمقابلة إحسانه بالإحسان ولفظ الخبر جامع لكل ما يطلبه ويرغب فيه.
قوله (قويت) وصفه بالقوة المطلقة كما وصفهم بالضعف المطلق وحذف المتعلق فيهما للدلالة على التعميم أو المراد قويت في الدين والعلم والجهاد حين ضعفوا فيها.
قوله (وبرزت) أي برزت إلى الجهاد حين استكانوا وعجزوا كما يظهر ذلك في غزوة البدر والأحد والأحزاب والخيبر وغيرها.
قوله (ونهضت) أي قمت بإعلان الحق والعمل به ودفع شبهات المنكرين حين وهنوا وضعفوا عن ذلك وذلك مشهور.
قوله (ولزمت) أي لزمت منهاج رسول الله (صلى الله عليه وآله) وشريعته البيضاء إذ هم أصحابه العدول عنه وقصدوا إبداع البدع وإفشاءه وفيه إشارة إلى متانته في الدين ورزانته في اليقين.
قوله (كنت خليفته حقا لم تنازع ولم تضرع) الفعل الأول مبني للمفعول والثاني للفاعل تقول:
ضرع يضرع من باب علم ومنع وشرف إذا ذل وضعف أو للمفعول أيضا من أضرعه إذا أذله يعني كنت خليفته وقائما مقامه في حياته وبعد موته بأمره وأمر الله تعالى بلا منازعة ولا ذل وضعف فيك ومن أدعى الخلافة إنما ادعاها من قبل نفسه الشريرة لا من قبل الله تعالى ولا من قبل رسوله والذل إنما يرجع إليه بمخالفته لا إليك.
قوله (برغم المنافقين) تقول أرغم الله أنفه أي ألصقه بالرغام وهو التراب هذا هو الأصل ثم شاع استعماله في الذل والعجز والظرف في موضع النصب على أنه حال من فاعل لم تضرع أو كنت، ولعل المراد بالمنافقين من وافقه من أصحابه ظاهرا لا باطنا فإن كثيرا من أصحابه كانوا على صفة النفاق وبالكافرين من خالفه وقاتله كمعاوية وأضرابه وبالحاسدين الخلفاء الماضين وبالفاسقين اتباعهم وأشياعهم مع احتمال أن يراد بالجميع من خالفه ظاهرا وباطنا أو فيهما، قاتله أم لا،